ثقافة وأدب

“العار” رواية عن حادثة صادمة شكلت شباب الكاتبة الفرنسية آنى إرنو

“حاول والدى قتل والدتى فى أحد أيام الأحاد من شهر يونيو، فى وقت مبكر من فترة بعد الظهر”، هكذا تبدأ رواية الكاتبة الفرنسية “آنى إرنو” الحائزة على جائزة نوبل، والتى تصف حادثة وحشية شهدتها المؤلفة فى طفولتها.

وقعت هذه الحادثة بعد وقت قصير من القداس عندما كانت آنى إرنو، التى ستفوز بجائزة نوبل فى المستقبل، تبلغ من العمر 12 عامًا إذ شهدت جدالًا شرسًا بين والديها بقبو أسفل مقهى العائلة، ورأت منجلًا يستخدم لقطع الحطب، يتحرك بشكل مخيف ومع ذلك، في نهاية المطاف سرعان ما أنتهى الأمر.

تعترف آنى إرنو أن الحادث كان “مثل الحجاب الذي حال بينها وبين كل ما فعلته في حياتها إذ تذكرته على الدوام”، وتقر بأنها في الأشهر أو السنوات التي تلت ذلك، فقدت التركيز، وواجهت مشاكل في الدروس، حتى أنها فقدت “طريقتها في العيش وقدرتها الطبيعية على التعلم” لقد كان الحدث على حد وصفها مليئًا بالنذر السيئ بالنسبة لها لدرجة أنه ظل لفترة طويلة “مجمدًا بداخلها، بل وصورة فارغة من اللغة” على حد وصفها.

تتذكر آنى إرنو عام 1952، حيث عاشت في المدينة التي تشير  إليها فقط بحرف “Y” والتي كانت في ذلك الوقت تتعافى من ويلات الحرب العالمية الثانية فى بلادها فرنسا حيث يفتح المقهى أبوابه من السابعة صباحًا إلى التاسعة ليلًا، وبفضل تصميم المتجر، لا توجد “خصوصية على الإطلاق” بين العملاء والعائلة فالمبولة الموجودة في الفناء عبارة عن “برميل محاط بألواح خشبية”.

آنى إرنو تلتحق بمدرسة خاصة، تعتبرها في حد ذاتها مصدر للعار، على الرغم من أنها خلاصها في النهاية حيث تؤدي واجباتها المدرسية وهي تجلس في أعلى الدرج تحت مصباح كهربائي واحد.

الفكرة الرئيسة التي تركز عليها آنى إرنو هي تأكدها من أهمية الشعور مقارنة بالفهم فهي تريد من القارئ أن يشعر أكثر ما يفهم فهي ترى أن الفهم هو عملية مبالغ فيها، مجرد لحظة مصطنعة فما يهم أكثر هو الحفر نفسه، والتدقيق الذاتي، ليس من المستغرب أن تكون الجملة الأخيرة من الكتاب مباشرة تمامًا مثل الجملة الأولى “يبدو أن الشعور وكأنه يحتوي على ندف، أو ربما تنبؤ خبيث بالمستقبل أو ربما لا شيء على الإطلاق”.

تقول آنى إرنو أيضا “كنت دائما أرغب فى تأليف كتب يستحيل على الحديث عنها فيما بعد، كتب يستحيل معها تحمل نظرة الآخر. ولكن هل يمكن للكتابة أن تجلب لى عارا فى مستوى ذلك الذى أحسسته فى عامى الثانى عشر؟”.

وتستشهد الكاتبة الفرنسية أنى إرنو في مطلع روايتها بتصدير للكاتب بول أوستر يقول فيه: “اللغة لا تمثل الحقيقة إنها طريقتنا في الوجود”.

وحققت آنى إرنو فوزا تاريخيا بجائزة نوبل العام الماضى عن مجمل أعمالها التي اتسمت بالتنقيب في الذكريات والرغبة العارمة في الكتابة عن التفاصيل الدقيقة وتحليل الشعور الإنسانى بالوصول إلى طبقات الإحساس في المواقف المختلفة مهما بدت بسيطة وتلقائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى