منع وكالات أجنبية من دخول القطاع وتهديد صحفيين بالاغتيال.. إسرائيل استهدفت الإعلام للترويج لروايتها “الكاذبة” في حربها ضد غزة

سعت إسرائيل خلال عدوانها الأخير على قطاع غزة إلى استهداف مباشر ومتعمد للمقار الصحفية داخل قطاع غزة، كجزء من استراتيجية يلجأ إليها جيش الاحتلال في كل عدوان يستهدف الأراضي الفلسطينية، بهدف طمس الحقيقة، وعدم إظهار بشاعة المجازر التي ترتكبها آلة القتل الإسرائيلية أمام الرأي العام الدولي.

فوفقاً لبيان صادر عن مكتب الإعلام الحكومي في غزة، فقد دمرت طائرات الاحتلال عدة مقار ومكاتب لوسائل إعلام محلية، منها مكتب شبكة شهاب الإخبارية ومقار صحيفتي الأيام والقدس المحليتين، ومكتب الشرق الإعلامي وشركة ميديا جروب، ومركز الشهيد فضل شناعة للتطوير الإعلامي.

منع الصحافة الدولية

منعت إسرائيل عشرات الصحفيين ووكالات الأنباء الأجنبية من الدخول إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون/إيرز، لتغطية المجازر التي ارتكبتها آلة الحرب الإسرائيلية في القطاع.

بموازاة ذلك، سمحت إسرائيل لهذه الوكالات بنقل صورة الأوضاع داخل مدن غلاف غزة التي تعرضت لقصف من صواريخ المقاومة، كرد على الاعتداءات الإسرائيلية بحق المدنيين.

واستغلت إسرائيل وجود هذه الوكالات داخل حدودها لتقديم مبررات ومسوغات للعملية العسكرية في غزة عبر إحاطات إعلامية قدمها وزراء الحكومة وقادة الجيش أمام الوكالات الأجنبية، كان مضمونها خلق نوع من الرأي العام الدولي بأن الفصائل الفلسطينية لديها نوايا بإلحاق الضرر بالأمن الإسرائيلي.

سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي بغزة قال لـ”عربي بوست” إن “النوايا الإسرائيلية بمنع دخول الصحفيين والوكالات الأجنبية للقطاع كانت حاضرة قبل بدء جولة التصعيد، حيث أغلقت إسرائيل معبر إيرز قبل أسبوع من بدء العملية”.

وأضاف المتحدث أن “إسرائيل سمحت فقط بمرور الحالات الإنسانية كالمرضى والعمال، ولم تتجاوب مع عشرات الطلبات التي قدمتها وكالات أنباء دولية من ألمانيا وفرنسا ومن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تنوي دخول القطاع لرصد الأوضاع في غزة عن قرب، أثناء فترة الاستنفار الإسرائيلي على الحدود الشرقية لغزة”.

وتابع المتحدث: “جزء كبير من هذه الوكالات الأجنبية له مقار ومكتب في غزة، وكانت تنوي زيادة عدد مراسليها في القطاع، ولكن بعد أن رفضت إسرائيل السماح لهم بالوصول، سيطرت إسرائيل على الرواية الإعلامية، وهذا ما رصدناه من خلال عدة مغالطات في الإعلام الأجنبي الذي كان يرصد سير العملية العسكرية في غزة ويقدم لإسرائيل مبررات واهية”.

وأضاف المتحدث: “رصدنا انتهاكات إسرائيلية خلال فترة التصعيد بتدمير مقار صحفية في الدقائق الأولى لهذا العدوان، حيث تم تدمير أبراج الإرسال لقنوات إعلامية وإذاعية كانت موجودة في برج فلسطين وسط مدينة غزة، كما تلقى عدد من الصحفيين رسائل تهديد مباشرة باتصال من المخابرات الإسرائيلية بعدم التواجد في أماكن معينة تعرضت للقصف بعد دقائق قليلة فقط من تلقي هذا الاتصال”.

فيما وثقت وحدة الحماية القانونية للصحفيين ما يزيد عن 21 انتهاكاً للحريات الإعلامية خلال فترة العدوان الأخير على القطاع، تنوعت ما بين إصابة صحفي بشظايا قصف إسرائيلي أثناء تغطيته للعدوان، وتضرر 10 مؤسسات إعلامية في قصف استهدف مقراتها، وتوقف البث الإذاعي لعدد من الإذاعات المحلية، والانتهاك الرقمي بحجب المحتوى وتقييد الوصول للصفحات لعدد من الصحفيين والمؤثرين والمؤسسات الإعلامية.

الرواية الإسرائيلية

مثلت معركة غزة الأخيرة نقطة تحول مهمة على صعيد سيطرة الرواية الإسرائيلية، وهذا يأتي ضمن استدراكات الجيش للإخفاقات التي منيت بها إسرائيل في معركة سيف القدس في مايو/أيار 2021، حينما انتشرت الرواية الفلسطينية بشكل لافت في الرأي العام الإقليمي والدولي والتي كانت سبباً في إجبار إسرائيل على وقف الحرب بعد تصاعد المظاهرات في مدن أوروبية وأمريكية للمطالبة بوقف الجريمة التي يرتكبها الجيش ضد المدنيين.

من جهة أخرى، سعت إسرائيل بمستوياتها السياسية والعسكرية باستغلال غياب الوكالات الأجنبية في غزة لتعميم روايات موجهة للرأي العام المحلي والدولي، من بينها الادعاء المضلل بأن صواريخ المقاومة سقطت على منازل المواطنين، ما أدى لسقوط عدد كبير من الضحايا.

شكل آخر من التضليل الإعلامي مارسته إسرائيل عبر سيل من موجات من التحريض، بهدف تحطيم الروح المعنوية للجمهور الفلسطيني عبر الادعاء بأن قادة المقاومة يديرون المعركة من إيران ولبنان وهم يتجاهلون معاناة المواطنين، وأن الجهاد الإسلامي باستمراره بإطلاق الصواريخ هو من يتحمل مسؤولية إغلاق المعابر.

كما تميزت المعركة الأخيرة بسيطرة ما يعرف بـ”صحافة الموبايل” وانتشار المواد الإعلامية التي وثقت المجازر الإسرائيلية ضد المدنيين، ولكن ذلك لم يمنع من سياسات تقييد نشر المحتوى التي تنتهجها مواقع التواصل مثل فيسبوك وإنستغرام وغيرهما.

تحسين الأسطل، نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين قال لـ”عربي بوست” إن “الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحفيين تشير إلى حالة الخطر التي تستشعر بها إسرائيل من وجود الصحافة الأجنبية أثناء تغطيتها للاعتداءات على الفلسطينيين”.

وقال المتحدث: “نستطيع القول إن إسرائيل تكرر حادثة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة ولكن بشكل مختلف، عبر إرهاب الصحفيين وتهديدهم بالقتل أو حجب صوت الحقيقة عبر الانتهاكات الرقمية المتكررة التي تطال صفحات إخبارية لديها مشتركوين بالملايين حول العالم”.

وأضاف: “الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحفيين لم تتوقف عند العدوان الأخير بل هي موجودة منذ سنوات، فعلى سبيل المثال تمنع إسرائيل إدخال معدات الوقاية والسلامة لحماية الصحفيين كالخوذة والدرع منذ حرب مايو/أيار 2021، كما تمنع إسرائيل إدخال أجهزة إرسال الإشارة للقنوات الإعلامية والإذاعية منذ ذلك التاريخ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى