من جهة الغيم

كان يكفيني أن تمرّ في فكرتي،
احتمالُ المعنى قبل اللغة،
تُشير إليّ من جهة الغيم
فأفهمك، كما تُفهم الأشياء التي لا تقع لكنها تترك أثرًا.
لستَ وجهًا يُحفظ في الذاكرة،
بل نسقٌ خفي،
ينتظم الفوضى في داخلي.
حين تهطل في أعماقي،
لا يحدث بللٌ،
بل اتّساع
كما لو أن الحضور صيغة أخرى للفهم،
وانبلاجٌ في فضاءٍ لا يحمل اسمًا.
لا رسائل بيننا،
لكنّ القراءة قائمة،
صامتة كالنظر إلى صفحة بيضاء
تفيض باحتمال الكتابة.
أنت لا تكون،
ولا أغيب.
أنت لمحة،
وأنا توهّجُ الانتظار في الأشياء.
في غيابك،
أرتّب ظلالك من انحناءات الوقت،
أجمع ما تناثر من صمتك
وأبنيه بيتًا بلا أبواب،
أقيم فيه حين تتكاثر الأسئلة.
تمرّ في اللغة،
فتشفّ الحروف،
ويصبح الوضوح فعلًا داخليًا
لا يحتاج شرحًا.
تلك التفاصيل التي لا اسم لها
تحملك:
ارتجافة ظلّ،
نغمة ناقصة،
خطى لا تُسمع،
لكن القلب يفسّرها بدقّة الضوء في أول الصباح.
الكتابة لا تعرفك،
لكنّها تستدعيك في لحظة خلاء،
حين تنفلت الفكرة من صورتها
وتصير نبضًا بلا مصدر.
لا تكون ضوءًا،
لكنني أنير بك.
ولا تُدعى وطنًا،
لكنني أعود إليك كلّما تشظّيت.
لستَ حضورًا،
بل القُطب الخفي الذي تدور حوله الجهات،
النقطة التي لا تُرى
لكنّها تُعيد توازن المعنى
تماضر سعيد عودة.. كاتبة فلسطينية.. دمشق