مقاربة في موقف حماس من اجتياحات الأقصى والقدس (1/2)

سليم يونس

بعد مرور أسابيع على استباحة قطعان المستوطنين اليهود عبر ما سميت مسيرة الأعلام السنوية للقدس والأقصى والاستباحة الثانية في 5 حزيران/يونيو احتفالا بما يسمى “نزول التوراة”، يصبح مهما مقاربة ما حدث ارتباطا بشعور أهل القدس والأقصى بالخذلان من موقف حماس العملي مما جرى من عدوان صهيوني.

شعور بالخذلان

وهنا لابد من الإشارة إلى أننا ونحن نقارب ماجري في الأقصى والقدس، إنما نقوم بذلك ارتباطا بوعود وتعهدات قطعتها حماس على نفسها، كون ما جرى ترك شعورا بالخذلان من موقف حماس، من أنها لم تفي بتعهدها الانتصار للقدس إذا ما استباحت مسيرة أعلام قطعان المستوطنين الأقصى وأحياء المدينة، احتفاء بما يسمونه وحدة المدينة تحت سلطة الاحتلال، مع اليوم العصيب الذي عاشته المدينة وأهلها، مع أنهم أكدوا بالدم والعزم والإرادة فعلا  وقولا أن القدس عربية فلسطينية كانت وستبقى، بمعزل عن تعهدات ووعود حماس وفصائل غزة، لتبدو المرارة أكثر وجعا جراء ذلك الخذلان ارتباطا بالتبريرات الساذجة التي لا تقنع أحدا، للتغطية على عدم وفائها بما وعدت.

وهنا يبدو سؤال لماذا الحديث عن خذلان حماس، وليس سائر الفصائل الأخرى منطقيا؟ لماذا لأن حماس هي صاحبة القرار والكلمة الأولى والأخيرة، فهي سلطة الأمر الواقع في القطاع، وهي الضامنة للتهدئة مع الاحتلال في غزة، ولا تستطيع أي قوة في القطاع أن تتصرف بعيدا عن إرادة حماس. وأيضا كونها هي التي وعدت وتعهدت عبر مسؤوليها السياسيين ومتحدثها العسكري  وإعلامها، بل وكانت الأعلى صوتا، فكان من الطبيعي أن ينتظر أهل القدس بشكل خاص أن تفي حركة حماس بما وعدت.

ويضاعف الشعور بالاستغراب من أهل القدس والأقصى وفلسطينيي الضفة الغربية وقطاع واسع من الفلسطينيين لموقف حماس، ومن ثم حضور علامة استفهام كبيرة ارتباطا بما حدث عام 2021، عندما ردت حماس على نفس مسيرة الأعلام بإطلاق قذائف صاروخية على القدس في عملية أطلقت عليها “سيف القدس”، وعلى أثر ذلك قالت إنها ثبتت قواعد اشتباك جديدة مع الاحتلال.

حماس.. وحرب دينية

هذا المتغير أعقبه سيل من الوعود مرتفعة السقف من قبل مسؤولين عسكريين وسياسيين من حماس وكان أكثرها تحديدا ما تعهد به مسؤول حركة حماس في غزة يحيى السنوار أمام وجهاء ونخب فلسطينية في حفل إفطار نظمته الحركة  بقطاع غزة في 30/4/2022 بأن: “المساس بالأقصى والقدس يعني حربا دينية إقليمية، وعندما يتعلق الأمر بمقدساتنا لن نتردد في اتخاذ أي قرار”.

بل ونبه السنوار إلى “أن الاحتلال يخطط لاقتحام المسجد الأقصى في يوم استقلالهم  14 مايو أو يوم القدس لديهم 29 مايو، لذلك يجب أن نكون على أهبة الاستعداد”.

رسائل.. ساخنة.. ولكن!

وواصلت حماس إرسال رسائلها لأهل القدس من جانب والكيان الصهيوني من جانب آخر بأنها جاهزة للرد على أي تحرك لقطعان المستوطنين يستهدف القدس والأقصى عبر غرفة العمليات المشتركة لكن جاءت الرسالة “التحدي” من خلال كشف السنوار، عن “تعاون مشترك مع محور المقاومة خلال الحرب، عبر غرفة أمنية مشتركة”، مردفا أن الغرفة “كانت لها إسهامات استخبارية مهمة خلال المعركة”.

فيما ذكر برنامج ” ما خفي أعظم” لقناة الجزيرة القطرية، أن الغرفة الأمنية المشتركة، “ضمت ضباط استخبارات من القسام، وحزب الله اللبناني، والحرس الثوري الإيراني”.

وحذّرت بدورها «غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية»، الاحتلال، من «ممارساته في كلّ المدن المحتلة والقدس على وجه الخصوص والدعوات لاقتحام المسجد الأقصى عبر مسيرة الأعلام»، مشيرة إلى أنها «أسباب تدفع للوقوف بحزم وإصرار»، وأن «سيف القدس لن يغمد وسيكون حاضراً».

وبالعودة إلى توعد السنوار القاطع أمام وجهاء ونخب فلسطينية في رمضان الماضي الذي أشهد فيه العالم بقوله،” أقول للعالم أجمع وإسرائيل أن استباحة الأقصى وقبة الصخرة ممنوع أن يتكرر”. لكن “ممنوع” السنوار الذي خاطب به الكيان الصهيوني والعالم “تكرر”، بأن سيّر قطعان المستوطنين في 29 مايو “مسيرة الأعلام”، في أخطر وأوسع اقتحام للأقصى منذ العام 1967. بمشاركة عشرات الآلاف من المستجلبين اليهود المتطرفين، ومارس بعضهم طقوسهم الدينية، لدرجة قيام العشرات منهم بالسجود الملحمي لأول مرة في باحات المسجد الأقصى، واعتدوا على أهلنا وممتلكاتهم في مناطق عدة في القدس، بل وشتم العرب والنبي والدعوة لموتهم، والتهديد بارتكاب نكبة جديدة ضدهم.

لغة..شعبوية.!

وفي الوقت الذي كان فيه أهل القدس والمدافعين عن الأقصى ومواقع الاشتباك في الضفة ينتظرون الرشقة الأولى من الصواريخ التي تعهد وأشهد “السنوار” العالم على ذلك عندما قال: “أعددنا 1111 صاروخا في الرشقة الصاروخية الأولى (نحو إسرائيل) حين يلزم أن ندافع عن المسجد الأقصى”.

وفي سياق الدعاية والخطاب الشعبوي قال السنوار إن “هذا الرقم (1111) يشير إلى تاريخ استشهاد القائد ياسر عرفات، وسنسمي هذه الرشقة باسم رشقة القائد أبو عمار (ياسر عرفات).غير أن رشقة السنوار لم تأت لنصرة أهل القدس وران الصمت على المتحدثين الكثر من عسكريين وسياسيين ووسائل إعلام حمساوية كانت قد روجت لرد مزلزل على الاحتلال، وكذا رسائل محور المقاومة الذي كان مشغولا بالانتخابات التشريعية اللبنانية، وتطورات الملف النووي الإيراني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى