العدو الجديد.. لماذا تعتبر إسرائيل الحشد الشعبي أخطر عليها من حزب الله وحماس؟
جاء الاتّهام الصريح الذي وجَّهه رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي إلى إسرائيل باستهداف مواقع الحشد الشعبي العراقي، ليُسلِّط الضوء مجدداً على هذه القوة الموالية لإيران، ويطرح تساؤلاتٍ حول أسباب استهداف إسرائيل للحشد الشعبي مؤخراً، أكثر من أي قوة موالية لإيران، وما مدى قدرة الحشد الشعبي على الردِّ على إسرائيل.
وقال عبدالمهدي في مقابلة مع قناة الجزيرة: «التحقيقات في استهداف بعض مواقع الحشد تشير أن إسرائيل هي مَن قامت بذلك».
وأضاف: «الكثير من المؤشرات تدل على أنه لا أحد يريد حرباً في المنطقة باستثناء إسرائيل».
وقال النائب العراقي عبدالخال العزاوي، وهو عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، إن «الجانب الأمريكي المسؤول عن حماية ومراقبة الأجواء العراقية أبلغ الجانب العراقي أنَّ الضربات وُجِّهت من طائرات إسرائيلية مسيَّرة».
واللافت أن عبدالمهدي قال إنَّ الولايات المتحدة قدَّمت دعماً جوياً.
ويحرص عبدالمهدي، الذي يحكم بلداً يكثر فيه النفوذ الأمريكي والإيراني، على ألا يبدو منحازاً لأحدهما، ولذا فإن تصريحاته تشير إلى احتمال تغير في مواقفه، أو على الأرجح تعرضه لضغوط من الحشد الشعبي لإعلان هذا الموقف.
ولكنَّ هذا الإعلان بقدر اتِّهامه لإسرائيل فإنه يضع الدولة العراقية والحشد في مأزق، إذ يفترض أنهما مطالبان بالردِّ على الهجمات الإسرائيلية.
ضوء أخضر للثأر
واعتبر قيادي في الحشد الشعبي، الثلاثاء 1 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أنَّ إعلان رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، ضلوع إسرائيل في قصف مقرات الحشد يعتبر «ضوءاً أخضر لأخذ الثأر».
وكتب أبو آلاء الولائي، الأمين العام لـ «كتائب سيد الشهداء» المنضوية ضمن الحشد الشعبي، في تغريدة عبر «تويتر»، أن «إعلان عبدالمهدي بوقوف إسرائيل خلف قصف مقرات الحشد، هو ضوء أخضر لأخذ الثأر».
وامتنعت إسرائيل عن التعليق رسمياً حتى الآن، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمَّح، الشهر الماضي، إلى احتمال ضلوع إسرائيل.
ما مدى قدرة الحشد الشعبي على الردِّ على إسرائيل؟
واتَّهم الحشد الشعبي، المدعوم إيرانياً، إسرائيلَ مراراً بالمسؤولية عن هجمات بطائرات مسيَّرة على قواعد ومخازن سلاح خاصة به، وضمن ذلك هجومان أسفرا عن مقتل بعض مقاتليه.
وقد يحاول الحشد الشعبي بعد إعلان عبدالمهدي الرد بشكل مباشر على إسرائيل، أو عبر أحد حلفاء إيران الآخرين مثل حزب الله، وجغرافياً فإنَّ الأنسب أن يأتي الرد من سوريا أو لبنان، ولكن هذا البلد لديه أزمات كبيرة ووضع اقتصادي حساس، مما يجعل سوريا -باعتبارها مازالت ساحة للمعارك- أنسبَ كمنطلق للردِّ.
وقد يفضل الحشد ابتلاع الهجوم على أمل أن يقوي من قدراته وأساليب إخفاء أسلحته وقواته.
ولكن حتى إذ ردَّ الحشد الشعبي العراقي فإنَّ الردَّ سيكون محدوداً، وحفظاً لماء الوجه، على غرار ما فعله حزب الله في ردِّه الأخير على الهجمات الإسرائيلية، منعاً لاندلاع حرب واسعة النطاق في المنطقة.
هجمات مكثفة، وباستخدام أحدث الطائرات في العالم أحياناً
وتعرَّضت مواقع عسكرية عدة تابعة للحشد إلى قصفٍ من قبل طائرات مسيَّرة خلال الأسابيع القليلة الماضية، دون اتهامات رسمية عراقية لأي طرف حتى تصريحات عبدالمهدي.
ومؤخراً تعرَّضت 5 قواعد للحشد الشعبي لتفجيرات غامضة، آخرها شنّ طائرتين مسيَّرتين قبل أسبوعين، هجوماً على أحد ألوية «الحشد»، قرب الحدود العراقية-السورية (غرب).
وأدى قصف الطائرتين المسيَّرتين إلى مقتل أحد عناصر «الحشد الشعبي» وإصابة آخر، في ظلِّ تلميحات من إسرائيل بالوقوف وراء تلك الهجمات.
وفي يوليو/تموز الماضي، قصفت طائرات إسرائيلية من طراز إف-35 العراق مرتين، وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية وأمريكية، وهو ما يشير إلى توسيع محتمل لنطاق الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية في المنطقة.
واعتُبرت تلك الهجمات في العراق أُولى هجمات إسرائيل هناك منذ عام 1981، عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية مفاعل تموز، أو مفاعل «أوزيراك» النووي في عهد صدام حسين.
واللافت هو أن حزب الله تقليدياً هو أكثر القوى الموالية لإسرائيل تورطاً في النزاع مع إسرائيل، ويُعتبر من أخطر أعدائها، إلا أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة كانت أكثر كثافة على الحشد الشعبي على عدوها التقليدي، مما يشير إلى إسرائيل ترى في الحشد خطراً متزايداً على المستوى البعيد يجب تقليم أظافره القابلة للنمو.
فما أسباب استهداف إسرائيل للحشد الشعبي أكثر من غيره من خصومها في المنطقة مؤخراً، رغم أن الحشد لم يدخل في نزاع مباشر مع إسرائيل مثل حزب الله وحماس.
أسباب استهداف إسرائيل للحشد الشعبي
قال المستشرق الإسرائيلي يارون فريدمان إنَّ «التصور الإسرائيلي للميليشيات المسلحة في العراق يعتبرها تهديداً أمنياً حقيقياً، وبالتالي فإنَّ لدينا مصلحة للمسّ بها، واستهدافها».
وأضاف يارون فريدمان، في مقال مطوَّل بصحيفة يديعوت أحرنوت، وترجمه موقع «عربي21«، أنَّ الحديث هنا عن «67 ميليشيا مسلحة تُمثل الشيعة العراقيين، وتحظى بدعم سنوي حكومي يصل 60 مليون دولار سنوياً، وتتعاون مع المحور الإقليمي الذي تقوده إيران في المنطقة، وتبذل جهوداً لنقل الأسلحة والوسائل القتالية عبر حدودها مع إيران لسوريا ولبنان والعراق».
إنهم يخشون محاولات إيران لإقامة طريقين للبحر المتوسط.. الأطماع في العراق تعود لآلاف السنين
يتمتع العراق بموقع جغرافي مهم تاريخياً بالنسبة لإيران، وحرصت الإمبراطوريات الفارسية التي حكمت البلاد على احتلال العراق.
لم يكن السبب فقط تطلع إيران منذ القدم، وهي البلاد الهضبية ذات الطبيعة شبه الجرداء لأودية العراق النهرية الخضبة الغنية، بل أيضاً بسبب موقعه الاستراتيجي الذي يربط العراق بتركيا والجزيرة العربية وبلاد الشام من ورائها البحر المتوسط، فمن العراق بداية تدشين الإمبراطورية، ومن العراق تكون نهايتها، فأشهر هزائم الفرس كانت في العراق مثلما فعل الإسكندر الأكبر ومن بعده العرب المسلمون.
وعلى مدار قرون طويلة هيمنت الإمبراطوريات الفارسية المتعددة على العراق، بعدما حطَّمت إمبراطوريته العظيمة البابلية والآشورية، ولكنها لم تتمكن من كسب قلوب شعبه، وحافظ العراق على هويته السامية البابلية والآشورية والآرامية ثم أخيراً العربية.
هيمن الفُرس على العراق لمئات السنين قبل الإسلام، ولكن ظلّ العراق سامِيَّ اللسان، تغيَّرت لغة سكانه بسهولة بين اللغات الأكادية والآرامية ثم العربية، وهي كلها لغات متشابهة ومتقاربة، ولكن اليوم تحاول إيران بالطائفية أن تنجح فيما فشلت فيه الإمبراطورية.
وبالنسبة لها فإن الحشد الشعبي وسيلة لتحقيق ما فشلت فيه الإمبراطورية على مدار قرون.
ودور الحشد الشعبي ليس فقط فرض الهيمنة الإيرانية على العراق، بل أيضاً تأمين خطوط المواصلات للأجزاء الخاضغة للنفوذ الإيراني في العالم العربي، أي سوريا ولبنان، أي أنه يحمي شبكة مواصلات الإمبراطورية الفارسية الجديدة.
و «المعلومات المتوفرة لدى إسرائيل تفيد بأن إيران تتطلع في السنوات القليلة القادمة لإقامة مسارين لنقل هذه الأسلحة: برّي وبحري، يصلان بين إيران ولبنان، من أجل تسهيل نقل الوسائل القتالية، وتسريع سيطرتها العملياتية على سوريا ولبنان، وإقامة جبهة معادية جديدة ضد إسرائيل»، حسب المؤرخ الإسرائيلي.
وأوضح أن «إسرائيل تراقب التحركات الإيرانية الجارية لافتتاح ميناء بحري جديد على شاطئ اللاذقية شمالي سوريا، فيما تجري الجهود الميدانية لإقامة خط سكة حديد من إيران إلى سوريا، مروراً بالعراق، ويمكن الافتراض أن الهجمات الجوية الأخيرة المنسوبة لإسرائيل ضد الميليشيات المسلحة في العراق، تأتي لإحباط الجهود الإيرانية لإبعاد مستودعات صواريخها المتطورة عن مرمى الطيران الإسرائيلي».
آفاق نمو قدرات الحشد الشعبي أكبر من باقي أتباع إيران في المنطقة
لكل تابع أو ذراع إيراني في المنطقة ميزة وعيب.
وسنرصد في هذا التقرير مميزات وعيوب الحلفاء بالنسبة لإيران ولماذا تزداد أهمية الحشد الشعبي في ضوء نقاط الضعف الموجود لدى حلفاء إيران الآخرين بالمنطقة؟
ولماذا تراهن طهران على الحشد الشعبي أكثر من غيره وبالتالي فإن إسرائيل تخشاه أكثر من غيره، رغم أنه لم يشارك في القتال ضدها، كما أنه يعاني من سمعة سيئة في الأوساط العربية بسبب الاتهامات الموجهة له بالتورط في جرائم طائفية.
الأسد حليف استراتيجي ولهذه الأسباب غير مضمون
بشار الأسد يقود الدولة الوحيدة المعترف بها دولياً، وتابعة لإيران في الوقت ذاته، وهي دولة ذات موقع استراتيجي بالغ الأهمية تصل إيران بتركيا والشام وإسرائيل والبحر المتوسط، الذي وصل إليه الفرس فترات قليلة، بالنظر إلى عمر إمبراطورياتهم الطويل.
كما أنَّ سوريا حليف يدّعي العلمانية عبر حزب البعث، رغم مضمونه الطائفي، ولديه جيش نظامي، رغم أنه مفكّك فإنه يستطيع أن يدعي أنه جيش عربي وطني في ظل موجة تجتاح المنطقة، تمجد الجيوش مهما ارتكبت من جرائم أو انقلبت على حكام منتخبين.
من هنا فإنَّ نظام بشار يمثل حلقةً اتصال مهمة للإيرانيين مع روسيا والصين والحركات القومية العربية، وكذلك أنظمة مثل نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ترى نفسَها قائدة للأنظمة العسكرية العربية.
في المقابل، فإن سوريا تمثل عبئاً دولياً بالنسبة لإيران، إذ إن النظام ذو سمعة سيئة على المستوى الدولي، ولاسيما الغربي، كما أنَّ النظام المنهك اقتصادياً والذي يحاول إعادة جمع شتاته سيكون أقل استعداداً للمغامرة في أي مواجهة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة من حلفاء إيران الآخرين.
والنظام المعروف بانتهازيته قد يكون أول الحلفاء الذين سيتخلون عن إيران إذا اشتدت الحرب الأمريكية الإسرائيلية السعودية عليها، خاصة أن النظام عزز علاقته بروسيا بوتين، في محاولة لعدم الاقتصار على الدعم الإيراني.
كما أن النظام السوري مثله مثل أي دولة يكون أكثر حساسية من الحروب والغارات والعقوبات مقارنة بقوى حزبية وميليشياوتيه مثل حزب الله والحشد والحوثيين، الذين يختبئون في مجتمعات تتحمل في الأغلب العبء الأكبر لأي هجمات أو عقوبات تستهدفهم.
حزب الله.. النموذج ذو الأرضية المحدودة
يمثل حزب الله درة التاج الإيراني، كما وصفه مصدر لبناني مطلع لـ «عربي بوست»
يمتلك الحزب قوة عسكرية عالية التدريب، وخبراء وخبرات تقنية عالية، وآلاف الصواريخ وتجربة طويلة في حرب العصابات في جنوب لبنان صقلها بنوع مختلف من الحروب عبر مشاركته في سوريا دعماً للأسد.
حزب الله هو النموذج الذي يراد أن يكون عليه باقي أذرع إيران في المنطقة.
ولكن للحزب عيوبه بالنسبة للإيرانيين، فلبنان بلد صغير السكان والمساحة، وبالتالي فإن قدرة الحزب على التجنيد مقيدة بمحدودية عدد الطائفة الشيعية في لبنان، التي تمثل نحو ثلث إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم نحو 4.5 مليون، أي أن عددها نحو مليون ونصف المليون، نصفهم ذكور، أي 750 ألفاً، منهم من يعمل أو على المعاش، أو أطفال، أو يجند في الجيش اللبناني، أي يظل العدد المتاح للتجنيد قليلاً جداً بالنسبة لاحتياجات الإمبراطورية الإيرانية.
كما أن الحزب بات يعاني من صعوبات في التجنيد، نتيجة ارتفاع مستوى الدخل والتعليم والهجرة في قاعدته الرئيسية بين أبناء الطائفة الشيعية بجنوب لبنان، الأمر الذي دفع الحزب للتوسع في التجنيد من منطقة البقاع، التي تمثل المخزون الشيعي البشري الثاني في البلاد.
كما أن لبنان نفسه في وضع حساس، في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة لا تحتمل أي مغامرات إضافية، تحرج الحزب، ليس فقط أمام الطوائف الأخرى، بل أيضاً أمام جمهوره.
وحماس التي تعد من أخطر أعداء إسرائيل ظروفها أكثر قسوة من حزب الله، فهي تعتمد على موارد غزة، المحدودة اقتصادياً وبشرياً والمحاصرة براً وبحراً وجواً.
كما تعاني قلة الموارد، فهي ليست تابعاً لإيران كالفصائل الشيعية، وبالتالي فإن الدعم الإيراني لها محدود، خاصة في ضوء مواقفها المختلفة مع إيران من الأزمة السورية والنزاع مع السعودية وحرب اليمن.
الحوثيون.. الذراع الأبعد والأكثر تحصناً وعزلة
يمثل الحوثيون نموذجاً مختلفاً من حلفاء إيران، فهم أبعد جغرافياً، حيث اليمن لا يلامس حدوده أي بلد به نفوذ إيراني، وأبعد مذهبياً، حيث إن الحوثيين شيعة زيدية رغم تقاربهم الشديد مع إيران دينياً وسياسياً، وأبعد من حيث الولاء، إذ إن الحوثيين ليسوا على الأرجح من مقلدي خامنئي كحزب الله وأغلب فصائل الحشد الشعبي.
ولكن هذه العزلة بقدر ما تصعب توصيل الإمدادات والسلاح، ناهيك عن ضعف الولاء الحوثي لإيران مقارنة بالاتباع الآخرين، إلا أن لها مميزات.
فقد تحول الحوثيون إلى خنجر في ظهر السعودية، خصم إيران الأول في المنطقة، وهم بعيدون عن يد إسرائيل، كما يمكن أن يهددوا الملاحة في باب المندب، الممر الملاحي الذي يصل البحر الأحمر بالخليج العربي والمحيط الهندي، وبالتالي يشلون جزءاً كبيراً من التجارة العالمية، بما فيها تجارة النفط.
والأهم أن الطبيعة الجبلية الوعرة لليمن وفَّرت للحوثيين حصناً منيعاً، مكنهم من الصمود بشكل لافت أمام قوة عسكرية أكثر تقدماً بكثير مثل السعودية والإمارات، وحمتهم هذه الجبال وطبيعة مقاتليهم من غارات الدولتين اللتين تمتلكان اثنين من أحدث القوات الجوية في المنطقة والعالم.
وبينما تعتبر ميليشيات الحوثي واحدةً من أخطر أدوات إيران، إلا أن آفاق نموها تظل محدودة؛ إذ يحكمون بلداً من أفقر بلدان العالم، على شفا كارثة إنسانية قد تكون الأسوأ في القرن الحادي العشرين.
ومن هنا تأتي أهمية العراق والحشد الشعبي.
سر خطورة الحشد الشعبي مقارنة بحلفاء إيران الآخرين
أصبح الحشد الشعبي القوة الفاعلة في العراق، البلد النفطي الغني الذي يبلغ سكانه نحو 38 مليون نسمة.
ويعني هذا قدرة الحشد الشعبي على تجنيد المقاتلين أكبر بكثير من حزب الله، وفي الوقت ذاته يستطيع النهل من موارد الدولة العراقية، فالعراق ليس بلداً فقيراً على حافة المجاعة كاليمن أو بلداً مديوناً على حافة الإفلاس كلبنان.
أي أن الحشد الشعبي يستطيع التوسع عدداً وعتاداً دون تمويل إيراني.
وبالفعل يبلغ عدد قوات الحشد الشعبي حوالي 130 ألف مقاتل، يشكلون 45 فصيلاً، بحسب ما قاله كريم النوري، القيادي بالحشد لـ «بي بي سي«.
مما يجعله أكبر قوة تابعة لإيران عدداً، وفي نفس الوقت على الأرجح أقل تكلفة، نظراً لاعتماده بشكل كبير على موارد الدولة العراقية، التي يعتبر جزء من مؤسستها العسكرية، إضافة إلى الموارد التي يتحصل عليها من التهريب وسيطرته على معابر الحدود العراقية والسورية.
أي أن الحشد الشعبي تنفق عليه الدولة العراقية الغنية التي تنتج نفطاً أكثر من إيران، ولكنه يتلقى أوامره من طهران.
الاستناد إلى الموارد العراقية المالية، وكذلك للبنية المجتمعية العراقية الشيعية (يمثل الشيعة أكثر من نصف سكان العراق، وفقاً لأغلب التقديرات التي تصل بعضها بالنسبة إلى 60%) يؤهل الحشد الشعبي ليتطور ليس فقط في العدد لكن في التكنولوجيا والتدريب.
وصل الأمر لمحاولته إنشاء قوة جوية
وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنه بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، أفادت تقارير بأن الحشد الشعبي ينوي إنشاء قوة جوية أو دفاع جوي لحماية نفسه من الهجمات الإسرائيلية.
ويجب أن نتذكر أن الشعب العراقي هو الذي منح صدام جيوشه المليونية التي حارب بها إيران، كما أن تنظيم داعش الذي اكتسح المنطقة في وقت من الأوقات اعتمد بشكل كبير على المقاتلين العراقيين، الذين يجمعون بين الشدة في القتال مع توافر خبرات مهنية وعلمية لا غنى عنها في الحروب.
وبالتالي لدى الحشد الموقع الاستراتيجي للعراق، وموارده المالية، وعدد سكانه الكبير، وتراثه الحضاري، كل ذلك يتزامن مع ضعف الدولة، بل اختراق الحشد لها ليمثل فرصة كبيرة لإيران لإنتاج نموذج مماثل لحزب الله، ولكن على مقياس أكبر، وفي موقع جغرافي أخطر وأبعد عن إسرائيل من لبنان، مما يضعف من قدرة إسرائيل على تدميره.
تعيد إيران حالياً، ما فعلته مع العراق منذ آلاف السنين، حينما ساعدت البابليين على تدمير الإمبرطورية الآشورية التي كانت سيدة الشرق لقرون، ثم قام الفرس بغزو العراق وتدمير الإمبراطورية البابلية بعدما انفردوا بها وليستفيدوا من شجاعة الجنود الآشوريين والبابليين وموارد العراق لمئات السنين لبناء إمبراطوريتهم وحكم الشرق القديم لقرون.
ويدرك الإسرائيليون مميزات العراق الهائلة، ويدركون أيضاً أن النفوذ الأمريكي في العراق يتراجع بينما يزداد نفوذ إيران، حتى لو تغير شكله وهم يحاولون وأد المخطط الإيراني قبل فوات الأوان بالنسبة لهم.