مصدر: وصول ويتكوف وكوشنر لشرم الشيخ يعني بلوغ المفاوضات مراحلها النهائية

قالت مصادر فلسطينية مطلعة على سير المفاوضات الجارية في شرم الشيخ اليوم الأربعاء إن الساعات الثماني والأربعين القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، في ظل ضغوط أمريكية مكثفة لمحاولة التوصل إلى اتفاق أولي يشمل وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وأكدت المصادر، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المكتب البيضاوي الأخيرة، والتي قال فيها إنه سيبذل “كل جهده ونفوذه لضمان التزام الأطراف بما سيتم التوصل إليه”، جاءت بعد اتصالات مكثفة أجراها مسؤولون أمريكيون مع الوسطاء المصريين والقطريين، ومع أطراف فلسطينية عبر قنوات غير مباشرة.
وأوضحت المصادر أن الساعات الأخيرة شهدت نشاطا دبلوماسيا متزايدا على أكثر من مسار، حيث أجرت الوفود الوسيطة، المصرية والقطرية، سلسلة اجتماعات منفصلة مع ممثلي حماس والجانب الإسرائيلي، ركزت على “تثبيت التفاهمات حول خطوط الانسحاب الميدانية وضمانات التنفيذ”.
وأضافت المصادر أن واشنطن دخلت بشكل أعمق على خط المفاوضات خلال اليومين الماضيين، “بعد أن تلقت إشارات إيجابية من القاهرة والدوحة بشأن وجود أرضية يمكن البناء عليها”، مشيرة إلى أن “المسؤولين الأمريكيين حاولوا هذه المرة العمل خلف الكواليس بدلا من التصريحات العلنية، لتجنب إفشال التقدم الهش في المفاوضات”.
وأكدت المصادر أن من أبرز المؤشرات ، التي رصدها الجانب الفلسطيني هو “التحرك المفاجئ” لكل من جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره السابق، والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، اللذين وصلا إلى شرم الشيخ.
وأضافت أن هذه الزيارة “تحمل دلالات واضحة على أن المفاوضات بلغت مراحلها النهائية”، وأن حضورهما “يرتبط عادة بصياغة التفاهمات النهائية أو وضع الضمانات الأمريكية في حال الاتفاق”.
ولليوم الثالث على التوالي، تستضيف مدينة شرم الشيخ المصرية المفاوضات غير المباشرة بين كل من حماس وإسرائيل بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وفق خطة ترامب الـمكونة من عشرين نقطة.
وكان ترامب قد أعلن في الـ29 سبتمبرالماضي خطة لوقف إطلاق النار في غزة مكونة من 20 نقطة وتتضمن الخطة، بحسب ما أعلنته الإدارة الأمريكية، وقفا فوريا لإطلاق النار، وإطلاق رهائن في غضون 72 ساعة مقابل عمليات تبادل للأسرى، ونزع سلاح حماس، وانسحابا تدريجيا للقوات الإسرائيلية يتبعه تشكيل “مجلس سلام” دولي يتولى إدارة المرحلة الانتقالية وإعادة الإعمار.
وفي مطلع الشهر الحالي، وافقت حماس على خطة ترامب وأكدت على استعدادها تسليم المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات دفعة واحدة والبدء في مفاوضات جدية تنهي الحرب في غزة.
وتشن إسرائيل حربا واسعة ضد حركة حماس في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، في أعقاب هجوم غير مسبوق نفذته الحركة على جنوب إسرائيل، أسفر، بحسب السلطات الإسرائيلية، عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز رهائن.
فيما أودت الحرب بحياة أكثر من 67 ألف فلسطيني، وفق وزارة الصحة في غزة، وتسببت في أزمة إنسانية غير مسبوقة ومجاعة في القطاع المحاصر.
وقال مصدر فلسطيني آخر مقرب من أحد الوفود المشاركة ، لـ ( د ب أ) ، إن اليوم الأربعاء سيكشف إن كان الجهد الأمريكي والعربي سينجح أخيرا في تحويل هذا المسار الطويل إلى اتفاق فعلي يضع حدا للحرب المستمرة منذ عامين.
وأضاف أن كل الأطراف “تدرك حجم التحدي الإنساني والسياسي الذي خلفته الحرب، ولذلك هناك توافق على أن أي اتفاق يجب أن يكون شاملا ويضمن وقفا دائما لإطلاق النار وإعادة الإعمار وعودة النازحين”.
وبحسب ما علمته ( د ب أ ) من مصدر فلسطيني شارك في المشاورات عبر الوسطاء، فإن الإدارة الأمريكية مارست خلال الساعات الماضية “ضغوطاً مباشرة” على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار، بعد أن وصفت مصادر في البيت الأبيض أداءه بأنه “جيد، لكنه لم يعد كافياً لاستمرار الحرب”.
وأشار المصدر إلى أن ترامب نقل هذه الرسالة بنفسه إلى نتنياهو خلال لقائهما الأخير في واشنطن قبل نحو أسبوع، في إطار ما وصفته الدوائر الأمريكية بـ”التحرك الحاسم” لإغلاق ملف الحرب الممتدة منذ عامين.
وقال المصدر الفلسطيني إن “الجانب الأمريكي أوصل رسائل واضحة عبر الوسطاء تفيد بأن واشنطن مستعدة لتقديم ضمانات أمنية وسياسية لكل الأطراف، بما في ذلك حماس والدول العربية، شريطة الالتزام الكامل ببنود الاتفاق الأولي المرتقب”.
وأضاف أن الضمانات التي يجري التباحث حولها تشمل “آلية إشراف دولية على تنفيذ وقف إطلاق النار، وجدولا زمنيا واضحا لانسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق معينة في قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود”.
وشدد على أن الأجواء العامة تشير إلى “تفاؤل حذر” داخل الأوساط الفلسطينية، رغم إدراكهم “تعقيد القضايا التي ما زالت قيد البحث”.
وقال إن “ما يجري في شرم الشيخ اليوم هو سباق مع الزمن، فهناك رغبة حقيقية لدى الأطراف العربية بإنهاء الحرب، والولايات المتحدة تدرك أن استمرارها سيؤثر على مصالحها في المنطقة”.
وأشار إلى أن “الوسطاء المصريين والقطريين يعملون حاليا على تجاوز الخلافات المتبقية حول ترتيبات الانسحاب، وآلية تسليم الأسرى، وضمان حرية حركة المساعدات الإنسانية”، موضحا أن الوفد الفلسطيني “أبدى مرونة كبيرة مقابل التزامات وضمانات واضحة”.
كما لفت إلى أن “حماس أوضحت عبر الوسطاء أن أي اتفاق لن يكون مقبولا ما لم يتضمن وقفا شاملا للعمليات العسكرية، وضمان عدم عودة التصعيد”، مؤكدا أن الحركة “تتابع باهتمام الإشارات القادمة من واشنطن، خصوصا حديث ترامب عن الضمانات الأمريكية”.
وذكر أن الولايات المتحدة “ستبذل كل جهدها لإنهاء الحرب وإرساء الاستقرار في الشرق الأوسط”، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن “التطبيق الميداني لأي اتفاق سيحتاج إلى مراقبة دقيقة وتعاون وثيق مع الشركاء الإقليميين”.
وفي غزة، تابع مراقبون فلسطينيون تطورات شرم الشيخ باهتمام بالغ، معتبرين أن “المشهد الحالي هو الأقرب منذ فترة طويلة إلى انفراجة حقيقية”.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني عاهد فروانة ، في تصريح لـ ( د ب أ) ، إن “المؤشرات الإيجابية التي تصدر من واشنطن والعواصم العربية تعني أن هناك إرادة دولية لإنهاء الحرب، لكن التجربة علمتنا أن الطريق بين النوايا والاتفاقات النهائية مليء بالعقبات”.
وأوضح فروانة أن الموقف الفلسطيني “يتعامل ببراجماتية” مع التحركات الأمريكية الجديدة، مضيفا أن “المطلوب حاليا هو ضمانات حقيقية على الأرض وليس مجرد وعود سياسية”.













