آخر الأخبارتحليلات و آراء

شرط الاحتلال..يستوجب شرط المقاومة.. حتى النصر

سليم الزريعي

لأنهم لا يعرفون. معنى الانتماء، فهم لا يعون معنى الوطن، كونهم غرباء لا ينتمون إلى المكان، ولو فكروا قليلا لو كان لديهم عقل يدرك، لكانوا قد اكتشفوا معنى أن عشرات الآلاف من النساء والرجال، قد أسروا بسبب مقاومة الاحتلال على مدى عدة عقود، وأنه ما من اسرة فلسطينية لم تكن جزءا من حالات الأسر أو الشهادة أو الإصابة منذ عام 1967.. عبر التماهي في وطنهم .
وينسى هؤلاء أن بعض القوى البارزة في المشهد حاليا، لم تكن جزءا من مشروع الكفاح المسلح أو المقاومة بشكل عام، ولكن الواقع فرض عليها أن تلتحق في لحظة تاريخية معينة بمشروع المقاومة، وهناك قوى أخرى وجدت أنها يجب أن تشارك في مشروع المقاومة الذي هو مشروع شعب ووطن، وهو مشروع متعد للقوى والفصائل والأحزاب، كون تلك الأشخاص المعنوية، هي حوامل للمقاومة فقط، ولذلك فهي قوى متغيرة أو حتى مؤقتة، ارتباطا بالظرف الذاتي والموضوعي الذي أوجدها، فيما المقاومة التي هي مفهوم واسع شامل يحتوي كل أشكال المقاومة فسيبقى قائما طالما هناك محتل، ذلك أن من يحدد هذا الشكل من المقاومة من غيره هي طبيعة اللحظة، وجملة العوامل الذاتية والموضوعية حينها، ولكن تحت سقف المقاومة الثابت، ذلك أن هناك علاقة شرطية بين المقاومة والاحتلال، كون الاحتلال يستوجب المقاومة التي هي نقيض الاحتلال ونفي له، على قاعدة رفضه وعدم التسليم به، وهنا يجب التنبه إلى أن هذه الشرطية ليست لها علاقة بميزان القوى بين المحتل والشعب الواقع تحت الاحتلال.
ولأنه من المستحيل أن تفرض على شعب هو صاحب المكان، أن ينفي نفسه، أو يسمح للمحتل بالتمكين، كون ثنائية الشعب والمقاومة، هي قاعدة ثابتة ومستمرة ما استمر وجود الاحتلال، ولأن الأمر كذلك فإن الشعب هو الضمانة لاستمرار المقاومة، وليس أي جسم حزبي مهما كان، الذي ربما يكون موجودا أو غير موجود، وهذا يرتبط بعوامل النمو والشيخوخة، وأيضا بثوابت الأهداف، لأنه ما من مقاومة دون هدف سياسي دائم له علاقة بمفهوم المقاومة ضمن ثنائية شعب ووطن، وليس من خلال فئة سياسية أو حزبية هنا أو هناك.
فمثلا فإن حركة فتح التي أشعلت شرارة الثورة، واستمرت لسنوات تقود الكفاح المسلح، كان هدفها تحرير كل فلسطين من النهر ٱلى البحر وعودة اللاجئين، وكانت الضفة وغزة غير محتلين، غير أن هذا الهدف قد تراجع ٱلى مجرد دولة إلى جانب الكيان في الضفة وغزة. وأسقطت الحركة شكل الكفاح المسلح، ونبذ ما سماه محمود عباس العنف..
وهناك أيضا القوى الإسلامية التي التحقت بالكفاح بعد عقدين من الزمن. وكانت تطرح تحرير فلسطين كوقف إسلامي وليس وطنا للفلسطينيين بكل ألوان طيفهم الديني والمذهبي، كون حركة حماس هي ذراع حركة الإخوان المسلمين فرع فلسطين المتعدية للأوطان، لكن حركة حماس عادت وتبنت ما كانت قد اعتبرت قبوله من قبل فتح تفريطا، وهو دولة في الضفة وغزة وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين. وأسقطت شعار التحرير الكامل..
قد يبدو ذاك تكتيكا في ظل تعقيد القضية الفلسطينية كون الصراع هو في الأساس مع الولايات المتحدة وليس مع الكيان الصهيوني فقط. ومن ثم فإنه من سوء التقدير المراهنة على قوى حزبية تضبط بوصلة أهدافها وفق مصالحها بديلا عن الشعب، لأنه هو الثابت ويعي حقوقه كاملة تماما ، وهو قادر على فرز قوى جديدة تستجيب لشرط اللحظة وتحفظ للشعب حقوقه كاملة غير
منقوصة.
ومن ثم لا يجب أن يثير الفزع اختفاء قوة، أو المطالبة بجمع السلاح، وأن ذلك قد يحبط الشعب ويشكل هزيمة للمقاومة.. لأنه فات هؤلاء أنه في إطار الصراع قد تحدث لأسباب مختلفة هزيمة في معركة. في حين أن ما يجري هو صراع مفتوح لا يتعلق بموقعة معينة، أو قوة معينة، إنما بكنس الاحتلال، كما ان من حصل على السلاح سابقا لن يعدم الوسيلة في الحصول عليه لاحقا.. طالما العقل يحفظ ابجدية الوطن ويحتفظ بوعية وذاكرته.. لأن أسوأ أنواع الهزائم هي هزيمة الوعي، وهذا لن يحصل طالما الشعب الفلسطيني باق في وطنه رغم كل الظروف.
ومن ثم فإن حديث الكيان الصهيوني. الولايات المتحدة عن نزع السلاح من المقاتلين من القوى المختلفة، ظنا من الكيان أنه بذلك قد أنهى القضية الفلسطينية، غير أن هذا العدو واهم، وما يتصوره هو ذروة الجهل بطبيعة الصراع. ذلك أنه طالما الشعب موجودا، فإنه قادر على خلق حوامل جديدة للمقاومة، إضافة إلى اي حوامل حالية لها امتداداتها الشعبية، أعادت هيكلة نفسها لما يتناسب واللحظة، كما أنه أيضا قادر على توفير السلاح مجددا. كي تبقى القضية حية حتى يكتب الشعب الفلسطيني السطر الأخير فيها
لكن هذا الوهم من قبل العدو، يتطلب من حوامل المقاومة أن يكون مشروع المقاومة، مشروع وطن وليس مشروعا خاصا لفصيل أو مجموعة فصائل مهما كان ثقلها الميداني.
ذلك أن درس الحرب على غزة درس غني بالدروس المستفادة. التي يجب أن يعيها الشعب الفلسطيني وقواه الحية، ولعل أولها هو الوحدة، وطي صفحة الانقسام، وإنهاء ظاهرة، الفصيل الذي يحدد مصير الشعب وقضيته، كما حصل في 7 أكتوبر 2023. التي حوله العدو إلى فرصة سعيا منه إلى تصفية القضية الفلسطينية، وتدمير غزة وتهجير أهلها وضم جزء من الضفة.. ولكن هيهات ..هيهات..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى