أزمة الحركة الوطنية الفلسطينية القيادة الفلسطينية نموذجا -8
محمد حسين
كاتب صحفي وناشط سياسي
القيادة التقليدية والكارثة
كانت معظم القيادات الفلسطينية قبل عام الكارثة ١٩٤٨ شبه إقطاعية أو دينية ، ولم تكن بوسعها تنظيم نضال الشعب الفلسطيني ضد الاستعمار البريطاني والوجود الصهيوني أو قيادته لأنها كانت منفصلة عنه، حيث كانت هذه القيادات منشغلة بصراعاتها الداخلية حول المنصب والجاه ( عائلة النشاشيبي المهادنة للاستعمار البريطاني وعائلة الحسيني القريبة للتيار القومي اللتان كانتا مقيمتان في القدس )
لقد اتسم النضال الفلسطيني في تلك الفترة بالعفوية حتى اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى والإضراب الكبير استجابة لنداء القيادة الوطنية الموحدة آنذاك التي تأثرت بنضال الشيخ المجاهد عز الدين القسام، لقد أدى ضعف التنظيم والقيادة إلى إنهاء الإضراب الوطني الكبير، واستمر النضال الفلسطيني كردات فعل على الاستعمار البريطاني والوجود الصهيوني إلى أن حصلت الكارثة عام ١٩٤٨ وانهار الحقل السياسي الفلسطيني وانتهت القيادة التقليدية وغير التقليدية.
سطوع نجم القيادة الفلسطينية المعاصرة وأفوله.
بعد إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٦٤ بقرار من جامعة الدول العربية، ظهرت فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة وبعد أعوام قليلة سيطرت هذه الفصائل على منظمة التحرير الفلسطينية، فتغيرت كل التركيبة الاجتماعية لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية تغيراً جذرياً،
وانخرطت كل فئات الشعب الفلسطيني في مؤسسات المنظمة السياسية والجماهيرية والنقابية ( شبيبة، طلاب، مرأة، عمال ، كتاب، معلمين و أطباء إلخ.. ) وأصبح صوت الشعب الفلسطيني مسموعاً لدى قيادة المنظمة،
لقد وحدت منظمة التحرير كل الشعب الفلسطيني حول روايته الوطنية وأهدافه المشتركة، فعندما كان يحدث حدث ما في مخيم شاتيلا يتردد صداه في جباليا والوحدات واليرموك وكل قرية ومدينة وتجمع فلسطيني ، لقد كانت قيادة المنظمة قريبة جداً من هموم وآمال وتطلعات الشعب الفلسطيني فالتف هذا الشعب حول المنظمة وقيادتها،
لكن بعد أوسلو تغير الوضع فقد أدى هذا الاتفاق إلى ضرب وحدة الشعب ووحدة أهدافه، وقسم الجغرافيا، والديمغرافيا،
فتراجعت مكانة منظمة التحرير الفلسطينية وتراجعت مكانة قياداتها لدى قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني،
وبعد إنشاء السلطة الفلسطينية أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية منظمة صورية بلا مضمون، وتراجع عنوان التحرر الوطني الذي كان يلتف حوله كل الشعب الفلسطيني،وأصبحت السلطة الفلسطينية ومؤسساتها الشغل الشاغل لمعظم القيادات الفلسطينية الموافقة على اتفاق أوسلو والرافضة له ( تأمين رواتب الموظفين،الصحة، التعليم، أجهزة الأمن ودورها إلخ.. )
فابتعدت القيادة الفلسطينية عن شعبها، وغرقت في مياه السلطة وتفاصليها التي كانت إحدى الأسباب الرئيسة للانقسام المدمر الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية منذ ما يقارب ستة عشر عاماً.