آخر الأخبارتحليلات و آراء

فلسطين وليست ليبيا.. هي القبلة.. وإن طالت الهجرة

سليم الزريعي

من حق أي مواطن ليبي أن يرفض أن تكون ليبيا، محلا لتوطين أي مجموعة بشرية، مهما كانت ولأي سبب كان، ليس من باب الاستعلاء الوطني والإثني من جانب، ودونية الآخر، ولكن لأنه ليس من حق أي دولة، أو مجموعة دول، أن تحل مشاكلها على حساب ليبيا، تحت أي ظرف.

ومناسبة هذا الاستهلال، هو ما أثارته مزاعم  تقرير بثته قناة “إن.بي.سي” نيوز الأميركية، الجمعة، نقلا عن 5 أشخاص مطلعين، من أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعمل على خطة لنقل ما يصل إلى مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى ليبيا بشكل دائم.

بأن نقلت القناة عن ما سمتهم شخصين مطلعين ومسؤول أميركي سابق أن الخطة قيد الدراسة الجدية لدرجة أن الولايات المتحدة ناقشتها مع القيادة الليبية.

وأن ثمن مؤامرة إعادة توطين الفلسطينيين، هو أن الإدارة الأميركية ستتكرم بالإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الليبية التي جمدتها واشنطن قبل أكثر من 10 سنوات.

للأسف هناك من صدق  هذه المزاعم، لكنه عبر بنزاهة عن رفضه لها باعتبارها مؤامرة، أولا على الشعب الفلسطيني، وأيضا على الشعب الليبي والسيادة الليبية، وهناك من أراد تصديقها رغم نفي سفارة ترامب في طرابلس، فشهد لصالح إنسانية النازيين الصهاينة، قياسا بما يحدث في ليبيا،  وهناك بعض من حركت لديه نوازع أخرى غير ودية تجاه الفلسطيني وغير الفلسطيني لأسباب تخصه، وهذا من حقه، لكن الذي ليس من حقه، هو أن يسيء للفلسطيني أو غيره، كونه هذا الشخص في ذاته،  مع أنه هو الضحية، ومحلا للمؤامرة، والمفارقة هي أنه  مارس ذلك من موقع المتعالي، وذلك عوض أن يوجه رفضه وغضبه ونوازعه الذاتية غير الودية إلى من يقف وراء هذا المشروع المؤامرة وأطرافه، إن كان صحيحا، وهي إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ترامب، وأي طرف ليبي قد يكون تساوق معه، في حين  أن أهل غزة الذين هم بالمناسبة  بشر وليسوا ملائكة، يؤكدون، بصمودهم وصولا حد الموت جوعا في مواجهة حرب الإبادة،  ومع ذلك يهتفون بأعلى صوت.. باقون ما بقي الزمان، ولن نرحل أو نهاجر.. والعودة حق لن يسقط بالتقادم.

ومن ثم فإن عدم معرفة هذا البعض ما أكدته  واقع تجربة مخيمات اللجوء في الشتات الذين رفضوا كل إغراءات التوطين على امتداد عقود، لا تبرر لهم التحامل الذاتي على الفلسطيني.. لمجرد أنه فقط فلسطيني. في حين أن فلسطين  كانت وستبقى بالنسبة للفلسطيني هي الوطن ولا وطن غيره، وأن حق العودة ليس محلا للمقايضة، بأي مكان آخر في العالم، ليس من باب الأفضلية،  ولكن لأن  فلسطين بإرثها وتاريخها هي بالنسبة للفلسطيني، هي الوطن بكل دلالاته الممتدة بعيدا في التاريخ، سيما  أنه لا شيء يمكن أن يعادل وطن شخص ما، حتى لو كان هذا الوطن هو ثقب في الأرض. فكيف الحال إذا كان هذا الوطن هو فلسطين أرض الأقصى والإسراء والمعراج، وأرض قيامة المسيح.

ثم من قال إن أهل غزة الذين  سبق لهم أن قبروا أول مشروع أمريكي صهيوني للتوطين في سيناء عبر انتفاضة شعبية في فبراير عام 1955 قادها الشاعر معين بسيسو وحزبه، على وقع هتاف ” لا توطين ولا إسكان يا عملاء الأمريكان”وراح ضحيتها عدد من الشهداء، فيما كان جرح النكبة حينها ما يزال داميا، يمكن أن يقبلوا الآن وتحت أي ظرف، أن يكونوا محلا لذلك مرة أخرى، وهم محملين بكل إرث المقاومة والصمود الممتد على مدى أكثر من قرن من الزمان..وشرف الانتماء إلى فلسطين..

وربما لا يعرف الكثيرون، أن هناك من الفلسطينيين ممن لهم امتدادات عائلية في ليبيا، الذين كانوا وما زالوا مرابطين هناك باعتبارهم جزءا من النسيج الفلسطيني، عبر تلك الكيمياء، التي جعلتهم مكونا أصيلا من هذا النسيج، كعائلات.. الشعافي، والفرجاني، والكمودي، والعجيلي، والعِشي، والبرعصي. وعائلات الشقاقي التي أسس ابنها الدكتور فتحي الشقاقي حركة الجهاد الإسلامي، وعائلة قلجة (قاجة)٫ ومقداد، والغرابلي، والطرهوني والعالم، المغربي، وخيال، والجاروشي وغيرهم.. ومنهم اللاجئ الذي ينتظر العودة إلي بيته وممتلكاته، ومنهم غير اللاجئ.. ولكنه جزء من المشروع الوطني الفلسطيني.. في فلسطين الحرة المستقلة.

إن مثل هذه الأفكار التي تستهدف شطب حق العودة، هي مؤامرة موصوفة، وجريمة ترتكب في حق الشعب الفلسطيني وحق أي شعب تستهدفه تلك المؤامرة، التي أطرافها هم الولأيات المتحدة الأمريكية، وأي طرف عربي أو غير عربي يكون جزءا منها.. كونه بذلك يخدم مشروع الحركة الصهيونية في فلسطين ممثلا في الكيان الصهيوني على حساب الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين كل فلسطين. وفي ظني أن الواحب الإنساني والأخلاقي  يدعو كل ليبي حر إلى أن يتبنى من موقع إنساني مع  الفلسطينيين.. شعار لا تهجبر.. ولا توطين.. وأن العودة حق.. على قاعدة أن فلسطين أولا .. وفلسطين أبدا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى