المغرب يكتب التاريخ.. من إنجاز كروي عالمي جديد لمكسب اقتصادي فريد

حقق المنتخب المغربي تحت 20 عاما إنجازا تاريخيا جيدا بفوزه على نظيره الأرجنتيني بهدفين دون رد في نهائي كأس العالم للشباب 2025.
وأمام أكثر من 43 ألف متفرج، وقع المهاجم الشاب ياسر زبيري على الثنائية الذهبية (في الدقيقتين 12 و29)، ليقود “أشبال الأطلس” إلى إنجاز غير مسبوق ويهديهم أول كأس عالم في تاريخ الكرة المغربية.
ليلة فرح في الرباط والمدن المغربية
صحف فرنسية عدة، بينها “لوموند” و”لوفيغارو” و”ليكيب” وغيرها، سلطت الضوء على هذا الفوز التاريخي والاحتفال به والعوائد التي حققها، حيث أشارت إلى أنه إلى بمجرد إطلاق الحكم صافرة النهاية، تحوّلت شوارع الرباط والدار البيضاء وطنجة إلى مهرجان شعبي عارم.
ألعاب نارية، أناشيد وطنية، وأعلام ترفرف في كل مكان.. مشاهد وصفها أحد المشجعين بعينين دامعتين قائلا: “إنها أول مرة يفوز فيها المغرب بكأس عالم.. هذا فخر لا يوصف”.
وحتى الرابعة فجرًا، ظلّت العاصمة تهتز بالفرح، وسط شعارات مثل “هذه مجرد بداية”، في إشارة إلى الطموح لمزيد من الألقاب.
ثمار استراتيجية طويلة المدى
وراء هذا الإنجاز يقف عمل دؤوب أطلقته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم منذ عام 2021 بقيادة فوزي لقجع، إذ يؤكد مدير التطوير التقني في الجامعة فتحي جمال أن المغرب يعتمد على نموذج هجين يجمع بين تكوين محلي قوي عبر الأكاديمية الوطنية ومراكز الأندية، وبين استقطاب مزدوجي الجنسية من أوروبا عبر شبكة كشافين تضم ستة خبراء.
كم شدد مدرب المنتخب المغرب للشباب محمد وهبي في وقت سابق قائلا: “نحن لا نغري اللاعبين بالمال، بل نقدم لهم مشروعًا رياضيا متكاملا على المدى القصير والمتوسط والطويل”.
وتشير التقديرات إلى أن نحو نصف تشكيلة المنتخب تتكون من لاعبين مزدوجي الجنسية، مثل عثمان معما وجاسم ياسين وإبراهيم غوميز، بينما يبرز الباقون من المدارس الوطنية وأكاديمية محمد السادس، التي تُعد من الأفضل عالميًا.
من المجد الرياضي إلى الازدهار الاقتصادي
لم يتوقف الفوز المغربي عند حدود التتويج، بل حمل انعكاسات اقتصادية مباشرة، فبحسب موقع ترانسفير ماركت، قفزت القيمة السوقية للمنتخب المغربي الشاب إلى 11.08 مليون يورو بعد النهائي، في ارتفاع قياسي خلال ساعات قليلة فقط.
ياسر زبيري، هداف البطولة، قُدّرت قيمته بـ 600 ألف يورو، بينما علي معمر بمليوني يورو، وعثمان معما بـ1.3 مليون يورو، وجاسم ياسين بـ4.4 مليون يورو، ليصبح الأعلى تقييمًا في الجيل الذهبي.
ويُتوقع أن تواصل هذه الأرقام صعودها مع اقتراب فترة الانتقالات الشتوية، إذ تهافتت عدة أندية أوروبية كبرى لمتابعة المواهب المغربية.
عائدات الفوز وأثرها المحلي
إلى جانب القيمة المعنوية، سيحصل الاتحاد المغربي لكرة القدم على جائزة مالية تُقدّر بمليون دولار (857 ألف يورو) من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
ويُنتظر أن تُوجَّه هذه الأموال إلى برامج تطوير الفئات السنية والأكاديميات الإقليمية التي أطلقتها الجامعة مؤخرًا.
الاعتراف الدولي: “لحظة تاريخية”
رئيس الفيفا، السويسري جياني إنفانتينو، هنّأ المنتخب المغربي عبر حسابه الرسمي على “إنستغرام”، واصفًا الفوز بأنه “لحظة تاريخية حقيقية لكرة القدم العالمية، وتجسيد لقدرة أفريقيا على بلوغ القمم”.
كما وجّه الشكر لتشيلي على التنظيم المثالي، ولجماهير المغرب على “روحها الرياضية المبهرة”.
المغرب.. نحو مونديال 2030 بثقة
الإنجاز الجديد يأتي ضمن سلسلة نجاحات مغربية متصاعدة: المركز الرابع في كأس العالم 2022 بقطر، الميدالية البرونزية في أولمبياد باريس 2024، استضافة كأس أمم أفريقيا (ديسمبر/ كانون الأول 2025)، والاستعداد المشترك مع إسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030.
وكلها مؤشرات تؤكد أن المغرب لا يعيش “معجزة مؤقتة”، بل يترجم رؤية استراتيجية لبناء قوة كروية واقتصادية مستدامة.