أثار جدلا واسعا في طهران.. تفاصيل فستان زفاف ابنة مستشار خامنئي

أثار فستان زفاف ابنة علي شمخاني، المستشار السياسي للمرشد الأعلى علي خامنئي، موجة واسعة من التعليقات بعد انتشار مقاطع مصوّرة للحفل الذي أُقيم بالعاصمة طهران، وسط جدل حول الفوارق الاجتماعية وتطبيق القوانين.
وأظهر المقطع، المتداول على منصة X بتاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شمخاني يرافق ابنته فاطمة إلى قاعة فندق “إسبيناس بالاس” الفخم، فيما كانت ترتدي فستاناً أبيض مكشوف الكتفين ومنخفض الصدر، واستُقبلت بتصفيق الحضور على أنغام الموسيقى.
إطلالة العروس: فستان فاخر بتصميم أوروبي كلاسيكي
ظهرت العروس فاطمة شمخاني بفستان أبيض منسوب إلى أحد بيوت الأزياء الأوروبية المعروفة بتصاميمها الكلاسيكية الراقية. اتّسم الفستان بقصّة ضيّقة عند الخصر تبرز توازن القوام، مع صدر منخفض ذي خطوط منحنية ناعمة وتنورة منسدلة بخامة لامعة تميل إلى العاجي، ما منحه حضوراً لافتاً تحت إضاءة القاعة الفاخرة. بدا الفستان متقناً في تفاصيله الدقيقة، سواء في التطريز اليدوي بخيوط حريرية رفيعة على الحواف أو في التوازن بين الأناقة والجرأة. وعلى الرغم من الطابع الغربي للتصميم، إلا أنه حمل لمسة من البساطة الشرقية في القصّة العامة، ما جعل الإطلالة تبدو منسجمة مع المناسبة من دون مبالغة. وقد منحت هذه التوليفة بين الرقي والهدوء العروس حضوراً مختلفاً عن الصور النمطية المتداولة في حفلات الزفاف الإيرانية التقليدية.
الطرحة والتسريحة: مزيج من البساطة والاتزان
أكملت فاطمة إطلالتها بطرحة طويلة شفافة من التول الناعم، اختارتها باللون الأبيض ذاته مع خياطة دقيقة على الأطراف. لفتت الطرحة بطريقة خلفية متناسقة مع فتحة الفستان، فانسدلت بخفة فوق الكتفين من دون أن تحجب التفاصيل الدقيقة في الصدر والظهر. أما الشعر فجاء بتسريحة نصف مرفوعة تجمع بين التموج الطبيعي واللمسة الكلاسيكية، حيث تركت خصلًا جانبية خفيفة تؤطر الوجه وتمنحه مظهراً أكثر نعومة. استخدمت مصففة الشعر إكسسواراً بسيطاً من اللؤلؤ الصغير على الجهة الخلفية ليضيف بريقاً خافتاً تحت الإضاءة. وقد أظهر انسجام الطرحة مع التسريحة توازناً واضحاً بين الفخامة والهدوء، وهو ما يعكس توجهاً متعمداً نحو البساطة الأنيقة بدلاً من المبالغة التي تميز عادة حفلات الزفاف الرسمية في الأوساط السياسية.
المكياج وتفاصيل الإطلالة النهائية
اختارت العروس مكياجاً بدرجات لونية دافئة يركز على إبراز ملامحها الطبيعية أكثر من تغييرها. بدا الأساس خفيفاً بلون قريب من بشرتها، مع لمسة برونزية ناعمة على الوجنتين ونقطة إضاءة حول العينين أضفت بريقاً خفيفاً أمام عدسات التصوير. اكتفى خبير التجميل باستخدام كحل أسود رفيع مع ماسكارا مكثفة من دون رموش اصطناعية، ما جعل النظرة أكثر واقعية وهادئة. أما أحمر الشفاه فجاء بلون وردي باهت يميل إلى العاجي ليكمل لوحة الألوان الهادئة. في المجمل، جاءت الإطلالة متناسقة، خالية من المبالغة، تعكس تفضيلاً واضحاً للطابع الأوروبي الكلاسيكي الذي يجمع بين الرقة والدقة في التفاصيل. وقد بدا واضحاً أن العروس سعت إلى تقديم صورة مختلفة عن الصورة النمطية لحفلات النخبة في إيران، مع اعتماد أسلوب حديث يوازن بين الذوق الشخصي والتقاليد الاجتماعية.
الحفل الفاخر يفتح النقاش حول القوانين الاجتماعية في إيران
أعاد الفيديو النقاش حول تطبيق قواعد الزي في إيران، خصوصاً مع تقارير إعلامية عن خطط لنشر 80 ألف عنصر إضافي من شرطة الأخلاق في طهران لمتابعة الالتزام باللباس الإسلامي.
وانتقدت تعليقات عديدة على مواقع التواصل مظهر العروس وحجم البذخ في الاحتفال، في وقت يعيش فيه ملايين الإيرانيين أوضاعاً اقتصادية صعبة. وبحسب مركز الإحصاء الإيراني، فإن نحو نصف سكان البلاد البالغ عددهم 92 مليون نسمة كانوا تحت خط الفقر في عام 2022.
وأشار أحد المستخدمين إلى التناقض قائلاً: “شرطة الأخلاق والبطالة والفقر من نصيب الشعب، أما الأعراس الفاخرة فتبقى حِكراً على أصحاب النفوذ.”
ردود فعل من الخارج
علقت الناشطة الإيرانية المقيمة في المنفى مسيح علي نجاد على الفيديو معتبرة أن التناقض بين ممارسات المسؤولين والقوانين المفروضة على المواطنين “يثير تساؤلات لدى الإيرانيين”.
كما وصف النائب السويدي من أصل إيراني عليرضا آخوندي، في تصريح نقلته صحيفة ديلي ميل البريطانية، ما حدث قائلاً: “ابنة أحد كبار المسؤولين في الجمهورية الإسلامية احتفلت بزفافها بحرية كاملة لأنها ابنة رجل صاحب نفوذ. هذه المشاهد تعبّر عن مفارقة بين سلطة الدين ومتطلبات الحياة الحديثة في إيران.”
شمخاني ومسيرته السياسية
يُعد علي شمخاني من الشخصيات البارزة في المؤسسة الأمنية الإيرانية، وقد شغل منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي حتى مايو/أيار 2023، قبل أن يُعيَّن مستشاراً سياسياً للمرشد الأعلى، وفق ما أوردته وكالة “رويترز”. وتشير التقارير إلى أن الزفاف أُقيم في أبريل/نيسان 2024.
من مهسا أميني إلى تحولات اجتماعية
أعادت الواقعة إلى الأذهان أحداث عام 2022 حين توفيت الشابة الكردية مهسا أميني بعد توقيفها من شرطة الأخلاق بسبب ارتداء الحجاب بطريقة غير مطابقة للضوابط، وهو الحادث الذي أثار احتجاجات واسعة في أنحاء البلاد.
ورغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على تلك الاحتجاجات، لا يزال موضوع الحجاب يحتل موقعاً مركزياً في النقاش العام الإيراني، بين من يراه جزءاً من الهوية الثقافية والدينية، ومن يعتبره شأناً شخصياً.
جذور القوانين الاجتماعية
بدأ فرض الحجاب الإلزامي في إيران عام 1983 بعد أربع سنوات من انتصار الثورة الإسلامية، حين أقرّ البرلمان قانوناً يُلزم النساء بتغطية الشعر وارتداء ملابس فضفاضة في الأماكن العامة.
ومنذ ذلك الحين، خضع القانون لتعديلات متكررة لتحديد معايير “اللباس الشرعي”، فيما بقي محوراً دائماً للجدل بين المحافظين والإصلاحيين داخل المجتمع الإيراني.
بين القانون والواقع
تعكس واقعة زفاف ابنة مستشار خامنئي التباين القائم داخل إيران بين القيم الدينية الرسمية ومتطلبات الجيل الجديد الذي يسعى إلى مساحة أوسع من الحرية الشخصية.
ورغم الانتقادات التي طالت المشهد، يرى مراقبون أن النقاش الهادئ حول هذه القضايا قد يسهم في بلورة مقاربة أكثر توازناً بين التقاليد والتغيّر الاجتماعي المستمر في البلاد.