ثقافة وأدب

بين ضلعين من نار وحنين

أستيقظ كلّ صباحٍ على رعشةِ اسمي
كأنّي أُولدُ من جديدٍ
في حضنِ خريطةٍ مبتورةٍ
ترفضُ أن تموت.

أضعُ يدي على قلبي،
فتنبضُ: غزّة.
مدينةٌ ليست مدينة،
بل جُرحٌ يُغنّي،
وساريةٌ ترفعُ لحمَ أطفالها رايةً بيضاءَ
وتضحك.

كلّما أمطرتْ السماءُ صواريخ،
غسلتُ شعري بنجمةٍ،
ونسجتُ من دموع الأمهات
أطرافَ ثوبي.

أكتبُ على الجدران:
“هنا كانت طفلةٌ تحبُّ الضحك
وتؤمنُ أن العصافير لا تموت.”
فيمسحُ القصفُ الحروفَ،
وتُعيدها الأمهاتُ
بأناملٍ من لهب.

في المساء،
أُرضِعُ الوطنَ من ثديي،
أحكي له عن الزيتون،
عن البحر،
عن الأمل الذي لا يُقصف،
ولا يُقنص،
ولا يُغتال.

غزّة ليست أنثى عاديّة،
غزّة رحمٌ يُنبتُ قُبَلاتٍ من حجارة،
غزّة وجهي حين أغضب
وصوتي حين أغنّي في المدى:
“أنا الأرضُ، أنا الأمُّ، أنا التي لا تنحني.”

وفلسطين؟
هي أن أظلّ أكتب،
حتى حينَ تنكسرُ الأقلامُ،
وتُصادَرُ الكلمات،
وتُحاصَرُ اللغةُ في دمي.

هي أن أُحبَّ رغم الرماد،
أن أُنجبَ رغيفاً لأخي،
وأُهدهدَ بندقيةً في المهد.

هي أن أزرعَ نخلةً
في خاصرةِ المنفى،
وأقول لها:
“حين تعودين،
ازرعي ظلّكِ في حيفا.”

تماضر سعيد عودة.. كاتبة فلسطينية.. سورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى