وثيقة مسربة للاتحاد الأوروبي: احتجاز المهاجرين عمل مربح لحكومة الوفاق الليبية

 نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرًا، اليوم الأربعاء، كشفت فيه، نقلًا عن وثيقة مسربة للاتحاد الأوروبي، أن اللاجئين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا ويتم القبض عليهم من قبل خفر السواحل الليبي المدعوم من الإتحاد الأوروبي،  ويوضعون في معسكرات الاعتقال هم بمثابة ”نموذج عمل مربح“ لحكومة الدولة التي مزقتها الحرب.

واعترف الاتحاد الأوروبي أنه لا يستطيع مراقبة خفر السواحل الليبي وأن احتجاز المهاجرين ”عمل مربح“ لحكومة الوفاق الليبية، التي جددت معها مؤخرًا صفقة مثيرة للجدل لوقف الهجرة إلى أوروبا.

وأشار التقرير إلى انتهاكات حقوق الإنسان والوفيات والاختفاء غير المبرر والرشوة والفساد على نطاق واسع في الورقة المكونة من 13 صفحة، التي لا تزال تشيد ”بالتقدم الحاصل“ في تخفيض أعداد مغادرة الساحل الليبي إلى أوروبا.

وبموجب اتفاق تم تجديده مؤخرًا بملايين اليوروهات، يزود الاتحاد الأوروبي وإيطاليا خفر السواحل الليبي بالأموال والتدريب والقوارب لاعتراض المهاجرين في البحر المتوسط، كجزء من محاولة لمنع المهاجرين من الوصول إلى الشواطئ الأوروبية.

وجددت الصفقة التي توفر تمويلًا إضافيًا قدره 5 ملايين يورو، الشهر الماضي، على الرغم من الاعتراف في ورقة الاتحاد الأوروبي بأن ”أوضاع المهاجرين في ليبيا تدهورت بشدة مؤخرًا بسبب المخاوف الأمنية المتعلقة بالنزاع والتطورات في ديناميات التهريب والاتجار والاقتصاد، بالإضافة إلى تدهور الوضع في مرافق الاحتجاز المكتظة ”.

وتحدد وثيقة الاتحاد الأوروبي التي تم تسريبها والتي تحمل علامة Limite (مقيدة) ، النتائج ”الشديدة“ للصفقة، داعية  إلى ”إجراء فوري“ لإنقاذ أرواح أولئك المحاصرين في ليبيا .

وتضمنت الوثيقة التي وجهتها رئاسة الاتحاد الأوروبي إلى  ”مجموعة عمل رفيعة المستوى معنية باللجوء والهجرة“، تابعة له، التأكيد بأنه لا يوجد سجل لعدد معسكرات الاعتقال، لكن تقديرات تحدد عدد المنشآت الرسمية وغير الرسمية بأنها تتراوح بين 17 و35، ويقال إن الميليشيات تدير بعضها، ويوجد أكثر من 5000 شخص محتجزون وحوالي 3700 منهم في ”مناطق النزاع“.

وأشارت إلى أن هناك زعمًا بأن لعدد من مراكز الاحتجاز صلات بالاتجار بالبشر، و“لا يوجد نظام تسجيل مناسب للمهاجرين“. و“تم اكتشاف حالات خطيرة من الفساد والرشوة في المراكز“.

  وقالت الوثيقة إن حكومة الوفاق فشلت في تحسين الوضع في مراكز الإيواء أو التعامل مع التقارير المنتظمة عن ”حالات اختفاء“ الأشخاص الذين اعتقلهم خفر السواحل الليبي، و“إحجام الحكومة عن معالجة المشاكل يثير مسألة تورطها“.

 وأشارت إلى أن ”إحجام المسؤولين عن التعاون، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بانتهاكات حقوق الإنسان التي يتم الإبلاغ عنها على نطاق واسع، والتي تحدث في مراكز الاحتجاز، مؤكدة أن مراكز الإيواء تشكل نموذجًا تجاريًا مربحًا للحكومة الليبية الحالية“، فوفقًا للمنظمات الإنسانية، يتم إجبار المحتجزين من قِبل مسؤولي المركز على مطالبة الأقارب بالدفع مقابل إطلاق سراحهم.

وعلى الرغم من مقتل ما لا يقل عن 53 رجلًا وامرأة وطفلًا من المهاجرين، وجرح 130 آخرين في تموز/ يوليو  الماضي، في قصف  استهدف مرفق احتجاز في ضاحية تاجوراء بالقرب من العاصمة طرابلس، الذي كان يحتجز به 644 مهاجرًا ولاجئًا. ثم تم إعادة ملء المركز الذي تم قصفه بسرعة بأشخاص اعتقلهم  خفر السواحل الليبي.

 وذكرت أن  معسكرات الاعتقال تعاني  من الاكتظاظ والظروف السيئة، على وجه الخصوص، هناك صعوبات فيما يتعلق بالمرافق الصحية وإمدادات الغذاء والمياه، ووردت أنباء عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان على نطاق واسع ”.

وبينت الوثيقة أن الاتحاد الأوروبي يضغط على الحكومة الليبية لوقف الاعتقال التعسفي للمهاجرين، وتشير الورقة المسربة إلى أن السلطات الليبية وافقت على إغلاق ثلاثة مراكز احتجاز بالقرب من طرابلس، لكن ”حتى الآن، فإن أي عملية ملموسة لم تتبع هذا الوعد“.

وفي المقابل، بدأ الاحتفال في بروكسيل، مقر الاتحاد الاوروبي، بتخفيض الهجرة، إذ انخفض عدد الأشخاص الذين يصلون إلى إيطاليا من ليبيا من أكثر من 107.000 في عام 2017 إلى حوالي 13.000 في عام 2018، وإلى 1100 بحلول أغسطس من هذا العام. ويقال إن خفر السواحل الليبي اعترض 5280 شخصًا اعتبارًا من أغسطس 2019.

وأشارت الصحيفة إلى أن الكشف عن الوثيقة ترافق مع اجتماع لجنة الحريات المدنية في البرلمان الأوروبي يوم الخميس المقبل تستجوب فيه  مسؤولين من الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن عضو البرلمان الأوروبي عن حزب العمل، كلود موريس، يسعى إلى الكشف الكامل عن الكلفة البشرية لهذه الاتفاقية التي تم تجديدها.

وقالت صوفي إن فيلد، عضو البرلمان الأوروبي الهولندي في اللجنة: ”على مر السنين ، تم نقل مليارات اليورو إلى ليبيا بغرض وحيد هو إبقاء المهاجرين بعيدًا عن أوروبا، إنها جزء أساسي من ”سياسة القلعة الأوربية“ ، المعادلة الموضوعية لجدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أقامه على حدود المكسيك، والفرق هو أن القلعة الأوروبية أكثر فتكًا من الجدار.

 وأضافت فيلد: ”ربما غرق عدد أقل من الناس، ووصل عدد أقل إلى شواطئ أوروبا، لكن في المقابل، مات عدد لا يحصى من الأشخاص في الصحراء، وتم بيعهم في أسواق العبيد، وتعذيبهم واغتصابهم وتجويعهم في معسكرات الاعتقال الليبية، أو تم احتجازهم وسط صراع عنيف، بينما في الوقت نفسه، يزدهر المهربون، لا أحد لديه عقل سليم يمكن أن يسمي هذا نجاحًا، فهذه السياسة مفلسة معنويًا وأخلاقيًا وماليًا“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى