سجين في غوانتنامو يوجه رسالة إلى بايدن.. قضى 20 عاماً بالمعتقل بعد أن اختُطف بالخطأ في باكستان

نشرت صحيفة The Independent البريطانية، الجمعة 22 يناير/كانون الثاني 2021، رسالة مؤثرة من أحد المعتقلين في سجن غوانتانامو مُوجَّهةً إلى الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، نقلتها منظمة حقوقية تُدعى Reprieve للصحيفة الأمريكية.

استهل المعتقل في سجن غوانتانامو أحمد ربَّاني رسالته بتذكير الرئيس بايدن بأنَّه هو نفسه عانى من بعض المآسي على المستوى الشخصي، إذ فَقَدَ الرئيس الأمريكي الجديد زوجته وابنته في حادث وقع عام 1972، ثُمَّ فَقَدَ ابنه “بو” لاحقاً، بسبب ورم في الدماغ. ويأمل ربَّاني أن تدفع هذه الآلام بايدن إلى الشعور بآلامه.

رسالة من معتقل في سجن غوانتنامو إلى بايدن

المعتقل في سجن غوانتنامو قال إن العقدين الأخيرين من حياته كانا كابوساً لا نهاية له، “وأسوأ ما في الأمر أنَّ عائلتي أيضاً عالقةٌ بداخله”.

يوضح السجين ربَّاني، وهو باكستاني الجنسية، كيف أنَّه اختُطِفَ في مدينة كراتشي عام 2002 وبِيعَ لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) مقابل مكافأة، بسبب قصة كاذبة تفيد بأنَّه إرهابي يُدعى حسن غول.

وفقاً لربَّاني، كان هو وزوجته قد تلقيا لتوِّهما النبأ السعيد، بكونها حاملاً. وضعت الزوجة ابنهما جواد بعد بضعة أشهر، لكن لم يُسمَح لربَّاني قط بمقابلة ابنه، الذي سيبلغ قريباً عامه الثامن عشر.

كما أوضح المعتقل الباكستاني في سجن غوانتانامو: “سُجِنتُ طوال طفولته كلها، دون اتهامات أو محاكمة”، ويتساءل عما كان بإمكانه أن يفعله خلال تلك السنوات لو لم تُسلَب منه.

يُذكِّر ربَّاني بالوعود التي قطعتها إدارة أوباما، التي كان بايدن يشغل فيها منصب نائب الرئيس، بإغلاق سجن غوانتانامو، وهو الأمر الذي لم يتحقق، بسبب عراقيل الكونغرس.

متظاهرون أمام البيت الأبيض يطالبون بإغلاق غوانتانامو في الذكرى الـ18 لافتتاحه (أرشيف)/ رويترز
متظاهرون أمام البيت الأبيض يطالبون بإغلاق غوانتانامو في الذكرى الـ18 لافتتاحه (أرشيف)/ رويترز

تعذيب لمدة 540 يوماً في سجن مظلم

يشير ربَّاني إلى أنَّ تقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي عن عمليات التعذيب التي كانت تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية، والذي يظهر فيه ربَّاني، اكتمل “تحت ناظري” بايدن في عام 2014.

إذ قال في رسالته: “يقول (التقرير) إنَّي تعرَّضتُ للتعذيب لمدة 540 يوماً في (السجن المظلم) بأفغانستان (من دون إذن)، وما زلتُ لا أعرف ما إذا كان هذا يجعل الأمر أفضل أم أسوأ”.

لكن بإمكاني تأكيد أنَّ التعذيب وقع، ولو أنَّه لم يكن بالإمكان أن أحصي الأيام بنفسي؛ إذ اختلطت الأيام والليالي وصارت سيان بينما كنتُ مُعلَّقاً في قضيب بحفرة مظلمة أعاني الأمرَّين، بسبب انخلاع كتفيّ، يقول السجين.

كما يشكك ربَّاني في أنَّ بإمكان بايدن فهم طبيعة هذا التعذيب، أن يسمع المرء امرأة تصرخ في الغرفة المجاورة ويُقال له إنَّها زوجته وإنَّهم سيغتصبونها أو يقتلونها إن لم يفعل ما يريدونه منه.

يضيف: “لستُ مهتماً بالانتقام، لكنَّني أود أن يعلم الناس ما حدث لي وكيف جرى التستُّر عليه، حتى نكون محميِّين من الرؤساء أمثال سلف بايدن، الذين قد يجعلون شخصاً ما يواجه ذلك مجدداً”.

“لا تدفنوا رؤوسكم في الرمال”

طالب ربَّاني إدارة بايدن بألا تكتفي بدفن رأسها في الرمال. ويردف: “تدفع الولايات المتحدة حالياً 13.8 مليون دولار سنوياً فقط كي تبقيني هنا، لذا بإمكانه (بايدن) أن يُوفِّر الكثير من المال بمجرد سماحه لي بالعودة إلى الديار”.

كما تابع قائلاً إنه مجرد سائق تاكسي من كراتشي، ضحية لخطأ في الهوية، ويضيف: “بل إنَّ وكالة الاستخبارات المركزية قبضت على حسن غول الحقيقي، لكنَّهم سمحوا له بالذهاب بعد استجوابه وأبقوني مسجوناً. ربما هم مُحرَجون من خطئهم؟”.

يرسم ربَّاني صورة صارخة التناقض بين المآدب الفخمة التي سيحضرها الرئيس، فيما هو قد فَقَد أكثر من نصف وزنه الذي كان عليه حين اعتُقِل في كراتشي ويدخل عامه السابع من الإضراب عن الطعام، ويخشى أن يموت في زنزانته على الرغم من أنَّهم يطعمونه قسرياً.

يقول في النهاية: “لدى الرئيس بايدن السلطة لفعل شيءٍ ما… لا أرغب في العودة إلى وطني في نعش أو حقيبة جثث. أريد فقط العودة إلى وطني، إلى عائلتي، وأن أحمل ابني أخيراً لأول مرة”.

الجدير بالذكر أنَّه جرى نقل رسالة ربَّاني من سجن غوانتانامو عبر منظمة حقوقية تُدعى Reprieve.

معتقلو غوانتانامو يستبشرون بفوز بايدن لإنهاء معاناتهم/ رويترز
معتقلو غوانتانامو يستبشرون بفوز بايدن لإنهاء معاناتهم/ رويترز

معتقلو غوانتنامو يستبشرون بفوز بايدن

إذ قال موقع صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نُشر الأحد 13 ديسمبر/كانون الأول 2020، إن خبر فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية منح 40 سجيناً في سجن غوانتانامو بصيصاً من الأمل بأن مدتهم الطويلة في ذلك المعتقل ربما قد شارفت الانتهاء.

من هؤلاء المعتقلين الأربعين، اليمني خالد قاسم، الذي اعتُقل من أفغانستان في 2001، والذي قال في تصريحٍ عبر الهاتف لمحاميه: “أظن أنه لا بأس من الشعور بالسعادة بنتيجة الانتخابات. لكن في الوقت نفسه، لا يعني هذا أنني أنتظر من بايدن أن يقول في يومه الأول: (لنطلق سراح خالد)”.

التقرير قال إنَّ قاسم أنكر أي صلة له بالإرهاب، وقد سحب اعترافات كان أدلى بها سابقاً عن علاقته بتنظيم القاعدة، قائلاً إن هذه الاعترافات جاءت تحت وطأة التعذيب. وقاسم كان في أفغانستان يبحث عن عمل. واعتُقل في سجن غوانتانامو تسعة عشر عاماً تقريباً دون توجيه اتهامات له.

إذ إن المدى الذي ستذهب إليه إدارة بايدن لإخراج قاسم والمحتجزين معه من الثقب القضائي الأسود في سجن غوانتانامو، الذي تأسس في 2002، سيبين مدى إصرار الرئيس الأمريكي المنتخب على تغيير المسار واستجابة أجهزة مكافحة الإرهاب لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، التي شكلت السياسة الخارجية والأمنية الأمريكية منذ وقوعها.

لكن الإدارة القادمة ستبدأ عملها في ذروة الجائحة، مع أزمة اقتصادية مصاحبة وشعب منقسم انقساماً عميقاً، وسيكون إغلاق معتقل غوانتنامو مهمة معقدة لن تمنح بايدن الكثير من الرصيد السياسي.

كما يدرس الفريق الانتقالي الأساليب المتاحة لإغلاق سجن غوانتانامو الذي تأسس قبل 19 عاماً على القاعدة البحرية الأمريكية في كوبا، لكن الفريق لم يكشف الكثير عن خبايا عمله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى