آخر الأخبارتحليلات و آراء

خطة ترمب لنزع السلاح.. ومقاربة موسى أبو مرزوق.. !

سليم الزريعي

كما هو متوقع قدمت بعض الدول العربية والإسلامية، الغطاء العربي والإسلامي لخطة الوصاية الأمريكية على غزة، كي تعبر مجلس الأمن يوم الاثنين 17 نوفمبر، في مواجهة المقترح الروسي الذي يستجيب بشكل لا لبس فيه للحقوق الفلسطينية والدولة الفلسطينية كشريك أساسي في خطة السلام الأمريكية في غزة.

 شكر أمريكي

وقد وجه وزير الحارجية الأمريكي ماركو أنطونيو روبيو الشكر لكل من” قطر، ومصر، والإمارات، والسعودية، وإندونيسيا، وباكستان، والأردن، وتركيا على تأييدهم لمشروع القرار”، عبر قيامهم بتغطية المشروع الأمريكي، في مواجهة مسبقة لمشروع قرار روسي، كان أكثر استجابة لحقوق الشعب الفلسطيني.

 استجابة مشروطة

وجاءت تغطية تلك الدول، بعد أن استجابت إدارة ترمب لبعض الاعتراضات التي رأت أن القرار الأول لا يتصور مستقبلاً لدولة فلسطينية مستقلة. فجاء التعديل الأميركي وفق نص المسودة الأميركية المعدلة، لتقول..”على أنه بعد تنفيذ إصلاحات السلطة الفلسطينية “بإخلاص”، وتقدم إعادة إعمار غزة “قد تكون الظروف مهيأة لمسار موثوق لتقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة. لكن سؤالي أنا هنا، ألا يمكن القول إنه ربما تأتي هذه الـ”قد” وربما لا تأتي..؟ طالما أن أمرها في يد الكيان وواشنطن.

 قد تتوفر.. ! 

لكن اللآفت هنا أيضا، هو عندما يتضمن البند الثاني تعديلاً، ينص  حرفياً على أنه بعد انتهاء عملية الإصلاح داخل السلطة الفلسطينية والتقدّم في إعادة تطوير غزة، فإن هذا يجعل مستقبل قيام دولة فلسطينية، فقط مجرد إمكانية، عندما يقول وأشدد “قد تتوافر” الشروط اللازمة لبلورة مسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وقيام دولة فلسطينية”، وهذه ال”قد” الثانية ” لن تحددها جهة نزيهة محايدة، ولكن من سيحددها هو الولايات المتحدة والكيان الصهيوني… سيما أن النص شدد على ربط أي نقدم نحو الدولة بالإرادة الصهيونية، من خلال  نفس البند الذي يشير إلى أن واشنطن ستنشئ “مساراً للحوار” بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي يضمن التعايش السلمي والمزدهر.

الانسحاب ونزع السلاح

وتضمّن البند السابع تعديلاً ربط بين انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة، بشرط “تحقيق القوة الدولية السيطرة والاستقرار”، على القطاع أمنيا، وفي القلب منها، إبعاد حماس عن السلطة ونزع سلاحها، ولذلك جاء التعديل ليوضح أن قوات الاحتلال ستنسحب وفق معايير ومراحل وجداول زمنية مرتبطة بعملية نزع سلاح حماس والقوى الأخرى، وأن الأطراف المقررة في ذلك هي جيش الاحتلال والقوة الدولية والضامنين والولايات المتحدة، وأن الوجود الأمني للكيان الصهيوني، فيما يسمى الوجود الأمني في محيط غزة سيستمر إلى حين التأكد من زوال أي تهديد.. وهذا التأكد يقرر وجوده من عدمه الكيان الصهيوني وواشنطن كذلك.

 مشكلة السلاح

ما من شك أن نزع السلاح عقبة، ويمكن تقدير ذلك من خلال، متابعة موقف حماس والقوى الأخرى، حيث يدهشة التباين، وربما التناقض بين مكونات الفصيل الواحد، ما بين أن السلاح خط أحمر، أو إننا مستعدون لمناقشة موضوع السلاح، أو من يقبل بتسليم السلاح لكن للجهة الفلسطينية التي ستحكم غزة لاحقا، في حين أن الكيان الصهيوني يهدد بأنه إذا لم ينزع السلاح بالتراضي، فإنه سيلجأ هو إلى نزعة، وقد هددت المؤسسة العسكرية الصهيونية إلى أنها إذا لم ينزع السلاح ستنزعه هي بالطريقة الصعبة. ضمن مفهوم الاستقواء بعد كل ما تعرضت له غزة.

واللافت هنا  أنه ما من دولة من الدول الضامنه ضد نزع سلاح حماس سواء قطر أو مصر أو الولايات المتحدة، ولكن الخلاف هو في كيفية ذلك، سيما أن حسابات تلك الدول، ليس لها علاقة بمشروعية وجود السلاح مع شعب تحت الاحتلال من عدمه، وهي غير معنية بما يريده الفلسطيني. كونها تعتبر أن أي سلاح يجب أن يكون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية. التي لها بدورها حساباتها المختلفة، وربما المتناقضة مع حسابات حماس وغيرها، في فهم وظيفة السلاح.

 السلاح كأداة هيمنة

وهنا لا يمكن تجاهل أهمية السلاح بالنسبة  إلى تمكين حماس برقبة قطاع غزة، كونه هو الذي مكنها من فرض هيمنتها بالقوة على القطاع بعد الانقلاب الذي نفذته يونيو 2007، ومن ثم فإن مجرد التفكير في فقدان هذه القدرة،  على الأقل  تجاه الشارع الغزي،  من شأنه أن يفقد حماس الكثير من شعورها بالقوة والسطوة على أهل غزة، وهي التي تعاملت مع قطاع واسع من أهل غزة، ممن لا يوافقونها في فكرها وسياساتها باعتبارهم متهمين، إن لم يكونوا أعداء. وتزخر سجلات المنظمات الحقوقية الأهلية في غزة، بسجل حافل بممارسات حماس كسلطة قمع وقهر.

 نزع السلاح لن يحقق الأمن

لكن المفارقة أن هناك من ظن أنه يمكن تطويق مكنة نزع السلاح، من خلال مقاربة أبدعها ذهن موسى أبو مرزوق أحد قادة حماس، تقول  إن نزع سلاح حركته، لن يحقق الأمن للمستوطنات، لأن سلاح قوى أخرى غير منضبط. سيملأ الفراغ، وهذه المقاربة للعلم ليست ابتكارا جديدا من قبل أبو مرزوق، فقد سبق أن مورست في السنوات الماضية من قبل حماس في مواجهة الفصائل الأخرى التي قد تتمرد عليها، وتستهدف المستوطنات بعيدا عن موافقتها.

 حماية المستوطنات

لكن مقاربة أبو مرزوق الشاذة، التي كشف عنها في لقاء له مع الجزيرة مباشر، وطرحها كتساؤل موجها للصهاينة وأمريكا، مفاده “إذا نزعتم سلاح حماس، فمن يحمي المستوطنات”، وهو التساؤل الذي أساء فيه أبو مرزوق ليس لحماس؛ ولكن لكل الشعب الفلسطيني، سيما عندما يصل الأمر بمسؤول لهذا المستوى من التهافت حماية لمصالح حزبه، عندما يعتبر أن “أي محاولة لتجريد حماس من سلاحها ستفتح الباب أمام الفوضى وتؤدي إلى ظهور مجموعات مسلحة بديلة”.

 تذاكي أم تهافت ؟

لكن محاولة أبو مرزوق التذاكي، عندما اعتبر أن الطروحات التي تربط بين نزع سلاح الحركة واستقرار المنطقة “تتبنى رؤية خاطئة”، لأن أمن المستوطنات في نظره،  لا يتحقق عبر إضعاف المقاومة الفلسطينية أي حماس، بل عبر إنهاء الاحتلال والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، في حين أن تجربة حماس تؤكد الشطر الأول من مقاربته، عندما كانت حماس تعاقب أي قوة تعمل ضد المستوطنات ما لم تمر من خلالها ووفق توقيتها هي، وربما المثال الأبرز على صحة مقاربة أبو مرزوق، تتعلق بتصفية موسى عبداللطيف زعيم جند أنصار الله السلفية في 15أغسطس 2009، هو و20 من أنصاره وإصابة نحو 135 داخل مسجد في رفح. الذي بدا حينها، وكأنه منافس إلى حماس.

 سؤال مشاكس

لما كان السلاح هو أداة مقاومة في يد حوامل المقاومة من حركات وقوى وأحزاب، فإن السؤال الأهم هو: من هو الأهم السلاح أم الإنسان؟ ثم أليس الإنسان هو الذي يوفر السلاح وربما يصنعه، وأن السلاح له وظيفة واحدة، ليس قهر الناس والاستقواء عليهم، وإنما لتحقيق هدف التحرير، أي في استهداف المستوطنات واقتلاعها يا أبو مرزوق وليس حمايتها. ثم ألم يئن الأوان للتفكير بطريقة مختلفة في التعامل مع السلاح، بعد أن أكدت التجربة أن التحرير يحتاج مقاربة أخرى في التعامل معه.

وحتى لا يصل من يقول بعد  ذلك مثل أبو مرزوق، “من يحمي المستوطنات في غلاف غزة إذا نزع سلاح ٍحماس”..؟!.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى