هل يتخلى الجمهوريون عن رئيسهم؟ عزل ترامب ممكن في حالة واحدة فقط
ما هو موقف الحزب الجمهوري الأمريكي من مسألة عزل دونالد ترامب بعد استخدم سلطاته الرئاسية لخدمة أغراضه الانتخابية عبر الطلب من الرئيس الأوكراني إيجاد أدلة تدين منافسه جو بايدن فيما يتعلق بتوظيف ابنه في شركة أوكرانية؟
فرغم بدء الديمقراطيين، بقيادة نانسي بيلوسي، إجراءات عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أنهم لا يملكون الأغلبية الكافية لإقالة الرئيس، وبالتالي فإن الأمر سيعتمد على مدى تأييد الجمهوريين لطلب إقالة ترامب.
وبدأت هذه الفضيحة إثر شكوى عضو بأحد أجهزة المخابرات أفشى ما دار في اتصال هاتفي بين ترامب ورئيس أوكرانيا، وتردَّد أنه عبَّر عن قلقه من جهد مزعوم من جانب ترامب للاستعانة بأوكرانيا لتشويه جون بايدن نائب الرئيس الأمريكي السابق والمرشح المحتمل للديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية القادمة.
وتصاعدت الأمور في الكونغرس بعد أن أصدر البيت الأبيض نسخة غير حرفية من مكالمة هاتفية أجريت في 25 يوليو/تموز 2019 بين الرئيس الأمريكي ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حثَّ خلالها ترامب رئيس أوكرانيا على فتح تحقيق يتعلق بجو بايدن وابنه هانتر، الذي كان في مجلس إدارة شركة أوكرانية خضعت للتدقيق.
كم عضواً جمهورياً يحتاجه الديمقراطيون لعزل الرئيس؟
عملية عزل الرئيس عملية مشتركة بين غرفتي الكونغرس أي مجلسَي النواب والشيوخ
وإذا وافقت أغلبية بسيطة من أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 عضواً على توجيه اتهامات للرئيس، فيما يطلق عليه «بنود المساءلة» تنتقل العملية إلى مجلس الشيوخ، الذي يعقد محاكمة لتحديد ما إذا كان الرئيس مذنباً.
وبالفعل أيَّد أكثر من 215 من الديمقراطيين البالغ عددهم 235 في مجلس النواب خطوة لفتح إجراءات عزل ترامب، مما يشير إلى أن الحزب لن يجد صعوبة كبيرة في تمرير المساءلة إذا اختار قادته ذلك المسار، إذ يحتاج إلى 218 صوتاً لتوجيه الاتهام في مجلس النواب.
وبعد توجيه الاتهام يتم عقد محاكمة يقوم أعضاء مجلس النواب بدور الادعاء وأعضاء مجلس الشيوخ بدور المحلفين (أي أنهم هم من يبرأون أو يدينون الرئيس).
ويرأس جلسات المحاكمة كبير القضاة في المحكمة العليا الأمريكية. وتتطلب إدانة الرئيس وعزله موافقة مجلس الشيوخ المؤلف من 100 عضو بأغلبية الثلثين.
لكن مجلس الشيوخ يحتل فيه الجمهوريون 53 مقعداً مقابل 45 مقعداً للديمقراطيين بالإضافة إلى عضوين مستقلين يصوّتان في العادة مع الديمقراطيين.
أي أن الديمقراطيين سيحتاجون إلى ما لا يقل عن 20 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين للوصول لعتبة الثلثين لإدانته في مجلس الشيوخ.
ومن الممكن أن تصوّت الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ على الفور بإسقاط التهم الموجهة لترامب دون النظر في الأدلة.
ولم يحدث من قبل أن تم عزل رئيس أمريكي من منصبه كنتيجة مباشرة للمساءلة، فيما استقال رئيس واحد هو ريتشارد نيكسون من منصبه عام 1974 قبل إمكان مساءلته، في حين وجَّه مجلس النواب اتهامات لرئيسين هما أندرو جونسون في 1868 وبيل كلينتون في التسعينيات لكن مجلس الشيوخ لم يصدر قراراً بإدانة أي منهما.
ما هو موقف الحزب الجمهوري الأمريكي من مسألة عزل دونالد ترامب؟
لقد اعتاد الأمريكيون على فكرة أنه لن يكون هناك ما يكفي لتحريك الجمهوريين لاتخاذ إجراء عندما يتعلق الأمر بفضائح ترامب.
ومع بدء ظهور الفضيحة الأوكرانية، لم يخرج سوى صوت من الحزب الجمهوري ينتقد ترامب.
فطوال أيام، كان السيناتور عن ولاية يوتا ميت رومني صوتاً جمهورياً وحيداً يعرب عن قلقه بشأن مكالمة هاتفية من الرئيس دونالد ترامب للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التي طلب فيها ترامب من الرئيس الأوكراني إجراء تحقيق بشأن نائب الرئيس السابق جو بايدن وعائلته باعتبار أن بايدن أكبر منافسيه المتوقعين في الانتخابات القادمة إذا حصل على ترشيح الحزب الديمقراطي.
ولكن الأمور تطورت تدريجياً داخل الحزب الجمهوري
فقد كانت هناك بعض الإشارات مساء الأربعاء على أن أصوات الجمهوريين الأخرى، بما في ذلك عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري الذي قرأ شكوى المبلغين التي كشفت فضيحة ترامب.
وقال بن ساس، السيناتور الجمهوري عن ولاية نبراسكا، إن هناك أشياء «مقلقة للغاية» في تقرير المبلغين عن المخالفات الذي أدلى به مسؤول مخابرات أمريكي، والتي دفعت مخاوفه بشأن دونالد ترامب الديمقراطيين جزئياً إلى بدء تحقيق في عزل الرئيس.
وأضاف بن ساس يوم الأربعاء بعد قراءة نسخة من التقرير الذي تم تقديمه إلى الكونغرس «يجب ألا يسارع الجمهوريون إلى تطويق العربات ويقولوا إنه لا يوجد هناك عندما يكون هناك الكثير مما يثير القلق للغاية».
وقال بن ساس، الذي انتقد ترامب في بعض الأحيان، إنه يجب على الديمقراطيين عدم التسرع في استخدام كلمات مثل «التهم ضد الرئيس».
لكن تعليقاته تشير إلى أن الرئيس الأمريكي سيواجه المزيد من التدقيق عندما يتم نشر التقرير على نطاق واسع.
وقال إيفان ماكمولين، وهو موظف سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وموظف جمهوري سابق في الكونغرس: «مثل هذا التصريح الصادر عن السيناتور بن ساس يعد مؤشراً جيداً على مدى المساوئ التي تكشفها شكوى المبلغين عن المخالفات التي ارتكبها ترامب».
وقال باتريك تومي، سيناتور جمهوري من بنسلفانيا، إن التعليقات على المكالمة «غير مناسبة» لكنها لا تستدعي عزله.
هل يعني ذلك أن الجمهوريين قرروا المشاركة في عزل ترامب؟
بينما كانت هناك علامات على أن بعض الجمهوريين قد يكونون على استعداد للانفصال عن الرئيس، إلا أن معظم أعضاء الحزب التزموا صف ترامب واتهموا الديمقراطيين بمحاولة للانقلاب على نتائج انتخابات عام 2016 التي فاز فيها ترامب على هيلاري كلينتون مرشحة الديمقراطيين.
دفع هذا الحاكم الجمهورية السابق لولاية أوهايو جون كاسيتش للقول يوم الإثنين: «لدي رسالة بسيطة لأعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس: أين أنتم؟ هل تختبئون تحت صخرة؟ هذا ليس سياسياً. هذا هو أمننا القومي الذي نتحدث عنه هنا. تحتاج اللجان في الكونغرس إلى مراجعة المعلومات. اتبعوا القانون!».
بالفعل قام الجمهوريون بأمر بالتأكيد سيغضب ترامب
في يوم الثلاثاء، صوَّت مجلس الشيوخ بالإجماع ، 100-0 ، لتمرير قرار يدعو إدارة ترامب لتزويد لجان المخابرات في مجلسي النواب والشيوخ بنسخة من الشكوى التي تكشف محاولة ترامب الحصول على مساعدة زيلينسكي في الفوز بإعادة انتخابه .
وافق زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل من ولاية كنتاكي على طلب السيناتور الديمقراطي تشاك شومر في نيويورك بإجراء تصويت فوري على القرار غير الملزم.
ليس من الإجراءات المعتادة تماماً أن يقوم مكونيل بمساعدة الديمقراطيين – وقد يكون لذلك تأثير.
يقال إن البيت الأبيض، الذي كان يحول دون إحالة الشكوى عن المخالفات إلى الكونغرس، قد أسقط الآن اعتراضاته ويتفاوض للسماح للسماح للمبلغين الذين كتبوا الشكوى بالتحدث إلى أعضاء الكونغرس.
وفي محاولة لتهدئة الكونغرس، صدق البيت الأبيض في ترامب يوم الأربعاء على الإفصاح عن تفاصيل محادثة 25 يوليو/تموز، بالإضافة إلى إرسال الشكوى ذات الصلة إلى الكونغرس.
ويهدف قرار البيت الأبيض إلى توضيح تفاصيل الأمر لمعارضيه والمشككين فيه، وربما يخفف بعض الضغط بشأن إجراءات الإقالة.
في المقابل، يأمل الديمقراطيون أن تقدم الشكوى مزيداً من الذخيرة التي قد تتسبب في إعادة نظر المزيد من الجمهوريين في دعمهم للرئيس ترامب.
وقال النائب الديمقراطي خواكين كاسترو، عضو الكونغرس في تكساس، بعد قراءة الشكوى إن الفضيحة كانت أكثر خطورة مما كان يدركها.
الأمر يتطلب من الديمقراطيين كسْب جزء من منافسيهم التاريخيين
كسب تأييد الجمهوريين لعزل ترامب سيكون عملية طويلة الأمد، حسب موقع Marketwatch الأمريكي.
فرغم انتقادات نواب جمهوريين بارزين لما فعله ترامب وتعاون الجمهوريين في القرار الذي صدر بتزويد لجان المخابرات في مجلسي النواب والشيوخ بنسخة من الشكوى ضد ترامب، فإن هذا لا يعني موافقة عدد كافٍ من الجمهوريين على إجراءات عزل ترامب.
ستحتاج بيلوسي والديمقراطيون في الكونغرس إلى المساعدة من الجمهوريين البارزين الذين أعربوا عن انتقادهم لترامب.
يقول الموقع: قد يكون من المفيد أن ينضم الرئيس السابق جورج دبليو بوش وغيره من الجمهوريين الذين لديهم أسماء كبيرة لهذه الجهود والتركيز على الاتهامات ضد ترامب تثير مخاوف تتعلق بالأمن القومي الأمريكي.