ماذا سيبقى من القضية لو ضاعت الضفة الغربية؟
سليم الزريعي
لم يكن لما يجري في الضفة من جرائم تستهدف مستقبل الضفة كإقليم فلسطيني؛ أن تأخذ مكانها في اهتمام العالم أمام حرب الإبادة التي تجري في فطاع غزة، منذ طوفان حماس 7 أكتوبر 2023، ضمن سياسة يرعاها نتنياهو وصلت حد إطلاق يد قطعان المستوطنين ضد أهل الضفة، ومنذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، قتل جيش الاحتلال والمستوطنون في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1016 فلسطينيا، وأصابوا نحو 7 آلاف آخرين، إضافة لاعتقال أكثر من 18 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية.
وفي ظل هذا المناخ العدواني غير المسبوق تباهي نتنياهو أمام جمهور المستجلبين اليهود في الضفة خلال احتفال بالموافقة على بناء 17 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، فقال: لقد كنت قد “وعدت قبل 25 عاما بأننا سنرسّخ جذورنا، وفعلنا ذلك معا. وقلت إننا سنمنع قيام دولة فلسطينية، ونحن نفعل ذلك معا”. بمعنى أن الأمر مبيت أي تقويض حل الدولتين وضم الضفة، وليس له علاقة بأحداث 7 أكتوبر.
وفي سياق هذا المخطط، زعم نتنياهو أن الكيان يعزز سيادته” (تفرض الضم) في الضفة الغربية، وتمنع إقامة دولة فلسطينية، قائلا: “قلت إننا سنبني ونحتفظ بأجزاء من بلدنا ووطننا، ونحن نفعل ذلك”.
ولتنفيذ ذلك الهدف عمل الكيان منذ 7 أكتوبر2023 على تكثيف ارتكاب جرائم تمهد لضم الضفة الغربية، بينها هدم منازل وتهجير فلسطينيين وتسريع الاستيطان وتوسيعه، وفق السلطات الفلسطينية. يأن أقرت الحكومة الصهيونية، خطة استيطانية كبرى في الضفة الغربية المحتلة برعاية وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إذ وافقت لجنة الاستيطان الحكومية على الشروع في تنفيذ مخطط “إي 1″، الذي بدأ الترويج له في تسعينيات القرن الماضي.
وتتضمن الخطة بناء نحو 3400 وحدة استيطانية جديدة، بحيث يجري توسيع مستوطنة معاليه أدوميم وربطها بمدينة القدس وفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، رغم تحذير المجتمع الدولي من أن ذلك سيقوض فرص إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيا.
ومن أجل تنفيذ ذلك صعّد جيش الاحتلال وقطعان المستجلبين هجماتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية، ففي 21 يناير2025 شن جيش الاحتلال عملية عسكرية أطلق عليها اسم “السور الحديدي” في عدة مناطق بالضفة الغربية، حيث نشر دباباته لأول مرة منذ نهاية الانتفاضة الثانية، وأدت هجماته إلى تهجير 40 ألف فلسطيني على الأقل. وترافق مع هذه الحملة الإعلان عن إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية.
وأمام حالة التضامن العالمي الواسعة وتجريم الكيان الصهيوني وموجة الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي ستبلغ ذروتها في شهر سبتمبر أثناء انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، صوّت الكنيست الصهيوني لصالح نص يدعو الحكومة إلى ضم الضفة الغربية وإسقاط أي مشروع لإقامة دولة فلسطينية.
وفي 20 أغسطس 2025 أقرت الحكومة الصهيونية مخطط “إي 1” لبناء 3400 وحدة استيطانية، وهو ما من شأنه فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها.
وقال وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إن محو الدولة الفلسطينية “يكون بالأفعال وليس بالشعارات”، داعيا رئيس الوزراء نتنياهو إلى فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة.
ويبدو أن الكيان قد وجد في 7 أكتوبر الذريعة المناسبة لينقض على الضفة، التي يزعم أنها حق توراتي، يجب أن يستعيده، وفد وفر له الطوفان الفرصة، إضافة إلى بؤس الواقع الفلسطيني بكل مكوناته، لكي يفعل كل ذلك في الضفة الغربية دون روادع.
ليكون السؤال أيها الفلسطينيون في الضفة وفي كل مكان، الضفة والقدس في خطر حقيقي… أنتم المعنيون دون غيركم ، ما الذي سيبقى للدولة المنشودة، إذا ما ضاعت الضفة والقدس؟ وماذا سيبقى من القضية الفلسطينية التي عمادها الأرض والإنسان. إذا ما ضُمت الأرض وهٌجر الإنسان؟