فشة خلق.. الجديد في قضية مقتل إسراء غريب…إنها قتلت أكثر من مرة

بقلم / أديب الطهقان

أؤكد لكم ومن أول السطر نعم … إسراء غريب قتلت أكثر من مرة، لن أدعي امتلاكي أدلة جديدة، أو أن لدي تسجيلات صوتية حصرية في القضية التي هزت الشارع والمجتمع العربي، لكنني استطعت جذبك من خلال عنوان تجاري إلى قراءة ما كتبته..

هنا تكمن اللعبة بوضع العناوين والألفاظ التي تحمل في سطرها إما الجديد في قضية إسراء.. أو حصريا ..تسريبات جديدة..أعرف تفاصيل مستجدة في الجريمة وهلم جرا، فما بين بشاعة الجرم واستغلالها تقتل إسراء غريب ونقع حينها في مصيدة البحث.

هنا أضع سؤالي بين أيديكم ..هل الفضول هو ما دفع الكثيرين للتنقيب عن الحقيقة عبر فصفصة المواقع؟ أم هو تعاطفكم مع الفتاة العشرينية؟ أم أن هناك أسبابا ودوافع لا يعرفها إلا أصحابها؟

فجأة .. أصبح الكل يفتي في القضية…حبا في الظهور،  وهو الذي يقتل شعوبنا العربية…يلهثون وراء حصد أكبر نسبة من المشاهدات وإبرازا لذاتهم في التحليل …فالكل لديه المعلومة الأخيرة عن القضية، التي يبحث عنها البقية ، بعد أن وصل إليها بحسه البوليسي وبقدراته الاستقصائية ومصادره المعروفة والخفية وتحليلاته التي لا “تخر منها  المية” ، فخرج يتحفنا بمعلومته الذكية رغم أنه لم يكن هناك حين قتلت الضحية، لكنك ستكتشف من حديثه وبعد الدقيقة السابعة أو الأخيرة في مقطعه الذي بثه أنه يحضر لحلقات أخرى المهم ابن العم كونان أن تتابعه لاحقا .

فالمحقق استطاع حل اللغز ووصل إلى كل الخيوط بالقضية وهو في مكانه جالس ، ولام هذا وذاك وشدد في جلد الذات وأصر على معاقبة كل هؤلاء وأولئك  ، لو كان الأمر بيده وكان هو الإله لأباد الجميع وانتقم لإسراء وأقام العدل حسب المقاييس البشرية في كل الإنسانية ..

يا سادة يا كرام ..أيقظوها من عز الأحلام ..فترجاها متابعيها طوال الليل والنهار وأنهكوها  لتبدي رأيها في القضية… وتطربنا بأفكارها الشجية…بدأت برأي الدين فيما يخص المصروعين وجلبت لنا فتوى لشيخ الإسلام والمسلمين بضرب من هم مركوبين من الجن بالجلد  من 100- 300 من الجلدات حتى إخراجهم أو موتهم ولا نعرف من كان يقصد، المصروع أم الجن؟ ولا أدري إذا كان فعلا هناك فتوى بهذا أم أن للفتوى تفاصيل؟ أم هو تجني على الدين قبل الرجل؟.. هنا لن أبحث في الفتوى فهي لا تدخل العقل، وكفانا اقتناعا أنه ليس بنبي ولم يوحى إليه فإن أخطأ فالذنب ذنبه .

فكلامه عن الدين والرسول محمد غريب .. هل يا ترى هو تشويه أم محاوله تدليس؟ فالأخت في مجمل حديثها لوم للدين وللناس أجمعين والمجتمع وأهل الضحية، ولامت المستشفى والعاملين بها والمارين بجانبها والساكنين حولها وربما لامت الضحية ونهايتها المأساوية..وربما لامت نفسها فأنا لم أكمل المشاهدة حتى النهاية.

لا أقلل في طرحي للقضية منها، لكن ما يتبادر إلى ذهني لماذا هذه القضية وهناك كم هائل من القضايا تشبهها لم يلتفت لها أحد؟ وقد تكون أكثر إجراما ومأساوية، لكننا لم نسمع عنها ولم تنتشر كالنار في الهشيم وسأتركها للمحققين لإظهار الجناة وإحقاق الحق وان لم يحدث فهناك دوما رب العالمين.

أما قضيتي أنا فتكمن في المستغلين…إذ أصبحت مآسينا ومعاناتنا مادة لإظهار البعض، وعيوبنا وأخطاء الآخرين سلما نعلو فوقه وننظر إليهم باحتقار ودونية، ما يثير اشمئزازي تركيباتنا النفسية وعقدنا التي نرفض أن نراها ونعمل على إصلاحها، ونعتبرها نقاط ضعف قد يستغلها الكثيرين، وهذا ما قد يحدث على أرض الواقع ، فنحن نتربص بزلات البعض لنعلو فوقهم…..نعاني من حدة ردود الفعل لفظيا لكن على أرض الواقع لا نفعل سوى توجيه الانتقادات لغيرنا، فهم السبب في كل شيء يحدث في الكون ، هناك من يخطئ إلا أن….العنجهية في عقولنا، والتزمت في بعض عاداتنا وتقاليدنا أو ديننا.. دون فهم أو حتى محاولة التأكد من فهمنا. والتشبث بمفاهيم باليه بدعوى أنه من المعيب تركها وترك إرث الأجداد…..

لا أعرف إن كنا سنعرف يوما ما سر تخلفنا وتأخرنا عن باقي الأمم، لكن كثيرون يدعون وينتظرون الفرج دون أن يحركوا إصبعا…وان لم يأت الفرج ، فهو دون شك بسبب ذنوب الآخرين في منظورهم للأسف.

رحم الله إسراء وكل من نالهن من الظلم نصيب وهن كثيرات…قتلوك وقتلوا حلمك الجميل…حلم كل فتاة أرادت أن تعيش كغيرها من الفتيات بالزواج من رجل حنون وبيت دافئ، وطفل يزعجها كل صباح لتغمره أمومة ..

جريمة شارك فيها الجميع ..فالمجتمع الذي ينتظر أصغر الأخطاء ليصنع منها الكبائر ثم يبكون  خلفها، لا لحزنهم بل لأنهم عرفوا أنه لم يعد هناك مجال للتسامح…فكل كلمات التسامح لن تعيدها حية ولن تنطق ببنت شفة بعد اليوم.

تجارة الكلام هي التجارة الرائجة والرابحة هذه الأيام.. بضع كلمات وعدد من الجمل وكاميرا تلتقط وبرنامج ومونتاج … والقضايا أكثر من الهم على القلب واللاعبون أحصهم وأخطئ العدد، لأنهم يتزايدون كل يوم… واضرب الحديد وهو ساخن حتى تجني الملايين من المهتمين… تعليقات …وإعجابات… ومشاركات تتناسب مع الحدث…

في نهاية الخيط .. الموضوع بسيط لسان منطلق وأفكار متناثرة على حلقات مع قليل من الكذب أو حتى الكثير منه، ـفهو لن  يضر، وأطلق الشرح والتحليل ليكون مثيرا وأحسن اختيار نبرة الصوت لتتناسب مع الخطب، فالشطارة تكمن في أن تسمع الآخر ما يريد أن يسمعه.

المقالة لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي صاحبها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى