من داخل “المطبخ المظلم”..شهادات حصرية تكشف عن شبكات غير قانونية وأجور متدنية واستغلال العمال المهاجرين
فنلندا نيوز 24
هل تساءلت يومًا عن الأسرار الخفية وراء أبواب المطاعم؟ “أعمال الظل”، تحقيق استثنائي يكشف النقاب عن عالم الفواتير المزورة، والأجور النقدية السرية، والمبيعات التي تتجاوز أعين الرقابة في قلب قطاع المطاعم الفنلندي!
هلسنكي سانومات تكسر حاجز الصمت! وتلتقي بعمر، وهو صاحب مطعم سابق عاش سنوات في قلب هذا العالم الخفي، ليروي عن كيفية إدارة العمليات غير القانونية، وكيف كان يتم التلاعب بالأرقام وتجنب القانون.
ولأنه ليس الوحيد!: التقت أيضًا ببهنام وأبو غايب ، اللذين يشاركان شهاداتهما المروعة عن العمل في هذا “الاقتصاد الموازي”. كاشفين عن الأجور المتدنية، وظروف العمل غير المستقرة، والأسباب التي تدفعهم وغيرهم إلى قبول هذه الظروف.
وفي التحقيق الاستقصائي اختارت الصحيفة استخدام أسماء مستعارة للمشاركين في هذا التحقيق مثل Omar ،و Behnam و Abu Ghaib نظرًا لتقديمهم شهادات حول أنشطة غير قانونية لم يتم الكشف عنها أو محاسبتهم عليها.
ويكشف عمر، الذي امتلك عدة مطاعم سابقًا، عن تفاصيل دقيقة حول كيفية إدارة “اقتصاد الظل” داخل مؤسسته. متبعا نظامًا يعتمد على تزوير الفواتير لإظهار مبيعات أقل بكثير من الواقع، ودفع أجور العمال نقدًا لتجنب الضرائب وتكاليف التوظيف الرسمية. ويشير إلى أن نسبة كبيرة تصل إلى 85% من الإيرادات النقدية كانت تُمسح من الدفاتر في نهاية اليوم. ويؤكد Tommi Lehtinen ، المفتش في إدارة الضرائب، أن هذه ليست مجرد ممارسات قديمة، بل تطورت مع ظهور تقنيات جديدة تسمح بتحويل الأموال إلى حسابات غير معلنة أو حتى خارج البلاد عبر أجهزة دفع متطورة.
استغلال العمالة المهاجرة: أجور زهيدة وظروف عمل غير آمنة
ويُسلط التقرير الضوء على الدور المحوري للعمال المهاجرين في “اقتصاد الظل”. حيث يروي أبو غايب، الذي وصل إلى فنلندا طالبًا للجوء، كيف بدأ العمل بأجر لا يتجاوز 5 يورو للساعة، وهو مبلغ يقل بكثير عن الحد الأدنى القانوني، وبدون أي عقود أو تأمين صحي.
ويشير الثلاثة إلى أن ضعف موقف المهاجرين الجدد، وحاجتهم الماسة للمال لإعالة أسرهم في الخارج أو لسداد ديون الهجرة، يجعلهم عرضة للاستغلال وقبول ظروف عمل غير قانونية.
“يؤكد بهنام على مدى انتشار هذه الممارسات، مشيرًا إلى أنه ‘يعرف خمسين صاحب مطعم، وأن واحدًا منهم فقط هو من يلتزم بالقانون بشكل كامل’.”
هذا ولا يقتصر الانخراط في “اقتصاد الظل” على العمال فقط، بل يمتد ليشمل بعض أصحاب المطاعم الذين يرون فيه وسيلة للبقاء في سوق شديد التنافسية وتجنب التكاليف الباهظة للتوظيف الرسمي والضرائب. ويوضح بهنام، وهو صاحب مطعم حالي، أن هامش الربح الضئيل في قطاع المطاعم، بالإضافة إلى المنافسة الشرسة التي تدفع الأسعار إلى الحضيض، تجعل الالتزام الكامل بالقانون أمرًا صعبًا للعديد من المؤسسات الصغيرة.
يكشف التقرير عن خبايا إنسانية وراء هذه الممارسات الاقتصادية غير القانونية. حيث يشير بهنام وأبو غايب إلى الصعوبات الكبيرة التي يواجهها المهاجرون في الاندماج في المجتمع الفنلندي، بما في ذلك تعلم اللغة وبناء شبكات اجتماعية. إذ يرى كلاهما أن الشعور بالاغتراب والتهميش قد يدفع البعض إلى البحث عن فرص عمل سريعة وغير رسمية في “اقتصاد الظل” كوسيلة للتغلب على الصعوبات المالية والاجتماعية.
وتؤكد Katja-Pia Jenu ، كبيرة مفتشي حماية العمل، على التحديات التي تواجه السلطات في مراقبة هذا القطاع، مشيرة إلى أن العديد من المطاعم تتلاعب بسجلات العمل وتخفي عدد العمال الحقيقي وساعات عملهم. ويكشف تقرير إدارة الضرائب عن أن حجم “اقتصاد الظل” في فنلندا يقدر بمليارات اليوروهات سنويًا، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة في الإيرادات الضريبية ويشوه المنافسة العادلة في السوق. ويختتم عمر حديثه بتحذير من الآثار الاجتماعية بعيدة المدى لهذه الممارسات، مؤكدًا على أنها تخلق “مجتمعًا موازيًا” يقوض سيادة القانون ويعيق الاندماج الحقيقي للمهاجرين.