آخر الأخبارتحليلات و آراء

مبادرات “عربية” ولكن …!!

عمر مراد

عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

يستجدي قادة الكيان الصهيوني الهدنة المؤقتة مرّة أخرى، وتسعى الإدارة الأمريكية بشخص رئيسها بايدن جاهدة لتلبية هذه المناشدة، وتكلف بذلك وسطاء عرباً وربما بعد تأييد ومباركة من قادة دول غربية في أوروبا.

فالهدنة المؤقتة وإن اختلفت مدياتها بمعنى أسبوعين أو ثلاث أسابيع أو أكثر ،باتت مطلباً إسرائيلياً ملحاً لما تتكبده القوات الصهيونية من خسائر فادحة وتزايد أعداد قتلاها وجرحاها وكل مصابيها وتدمير المئات من دباباتها و آلياتها ومعداتها القتالية الثقيلة والمتوسطة، وكذلك ما تعانيه هذه القوات من حالة تفكك وإرباك جدية وعميقة ، وهذا ما أكده الكثير من المحللين العسكريين والسياسيين، وما أكده أيضاً الواقع على الأرض وفي الميدان.

إن حجم القتل والتدمير الذي يتعرض له قطاع غزة، وكذلك ما يعانيه جراء الحصار والتجويع وتصفية مقومات الحياة، كل ذلك لم يشد عضد وأزر جيش العدو ولم يزد قواته أية عزيمة تمكنه من استرداد الثقة المفقودة التي كانت تلبي غرورهم وعنجهيتهم وعنصريتهم .

أما الشعب الفلسطيني عموماً وخاصة في قطاع غزة والضفة الفلسطينية والقدس ومناطق ال ٤٨ ورغم حجم الآلام والمعاناة الناتجة عن الذبح وحرب الإبادة والتطهير العرقي وتوحش العدو في القتل والتدمير ، إلا أن موقفه لا زال يتمتع ويتميز بالثبات والصمود والتحدي، الأمر الذي يعزز ويدعم المقاومة الفلسطينية وكل أجنحتها المسلحة المقاتلة، وكذلك ما تحقق من صمود وثبات و إنجازات على الأرض وفي الميدان… ودليلنا هو إحباط وإسقاط مخططات وأهداف العدو في التهجير أوالقضاء على المقاومة أو الهيمنة و السيطرة الأمنية والعسكرية على قطاع غزة الصامدة .

في الجانب الإنساني

على الرغم من الألم والوجع الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني نتيجة الة الإجرام الصهيونية، والمناظر المروعة التي نشاهدها على شاشات التلفزة من صور لاشلاء الأطفال والنساء والشيوخ بأعداد متزايدة يومياً في أحياء ومخيمات و مساحات التوغل والقصف والتدمير المنهجي الصهيوني ، خاصة في قطاع غزة الحبيب، وأيضا ما يرتكبه العدو الصهيوني من جرائم ومجازر تجاوزت كل أفعال النازيين والفاشيين أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية وما بينهما.

لكن لن يسمح الشعب الفلسطيني للعدو بأن يكسر إرادة وعزيمة وظهر المقاومة بدماء الأهل والأبناء أو بحجم الضحايا من النساء والأطفال، فهذا دمه ولحمه وعرضه وروحه ، وخياره ؛ “نقاتل ونصمد، نستشهد أو ننتصر” .

قبل اسابيع ،رأينا وجوه قادة الأنظمة الصفراء والكالحة، ورأينا الدموع الباردة ،والدماء المتجمّدة ،والضمائر الميتة، وشاهدنا مؤتمراتهم وقممهم القميئة “العربية” و”الإسلامية”، فرغم الأصوات النبيلة والأصيلة لبعض الوفود ، إلا أن معظم الأصوات وبدون أسف كانت تساوي بين الجلاد الصهيوني والضحية الفلسطينية، لقد آثر الشعب الفلسطيني على نفسه وسمع وقرأ قرارات قمتهم البائسة ، بغض النظر عن النفاق والديماغوجيا التي غلبت على بيانهم وما ورد في قراراتهم فهي لا تساوي الحبر أو الورق الذي كتب به أو عليه، وعلى الأقل لم يستطيعوا أن يوفروا أي ضمانة لدخول سلس وآمن للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ولا حتى ضمان دخول بعض ما وصل منها إلى مناطقه الشمالية .

انتظروا قليلاً يا سادة المبادرات … فالفلسطينيون ليسوا هم الحلقة الأضعف في المعادلة،فهم لا يستجدون الهدنة ولا وقف إطلاق النار، ولسان حالهم ؛ لتستمر المعركة ويستمر العدوان، فغزة بأهلها ومقاوميها ستتحول إلى مقبرة للغزاة الصهاينة.

والآن يا أصحاب المبادرات عليكم أن تتوقفوا قليلا لتحملوا مبادرة الشعب والمقاومة وتجولوا بها في كل البلاد والقارات وطالبوا فقط بتحييد المدنيين والأهالي الأبرياء، هذا هو الرد الوطني الفلسطيني الأصيل والمشرف على مساعيكم و مبادراتكم وجهودكم الضالة التي تحمل كل الشبهة فقط لأنها تلبي أولاً وقبل كل شيء توسلات ومطالب العدو بالهدنة المؤقتة ليتمكن مرة أخرى من تجميع قواه وتنظيم قواته والعودة إلى الاستمرار بالجريمة والمحرقة والإبادة.

أما باقي البنود الواردة في مبادرتكم وهي لن تكون الأخيرة فتشير إلى الحوار الوطني الفلسطيني، وحكومة موحدة من التكنوقراط، وثم انتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، ما هي إلا لذر الرماد في العيون ، وشكل جديد من التضليل والخداع، وأما البنود الأخرى التي تتعلق بالبحث لاحقا بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الصهيونية من القطاع وكذلك الإتفاق حول عملية التبادل و قوائم وأعداد الأسرى، ما هي إلا محاولة للتذاكي والتشاطر على الشعب الفلسطيني وقيادة المقاومة الفلسطينية.

انتبهوا جيدا ،لقد قالت المقاومة وقيادتها في الميدان كلمتها، إما الوقف الشامل والكامل لإطلاق النار وانسحاب العدو من قطاع غزة ، ودخول المساعدات اليه بدون قيود أو تفتيش وبشرط دخولها إلى كل مناطق القطاع، وإطلاق كل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين القدامى والجدد ووقف الاعتداءات اليومية على الضفة، وكذلك وقف الاستيطان ووضع حد للمستوطنين وجرائمهم اليومية ضد أهلنا في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية هناك ، والتوقف عن الاعتداءات على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية.

وإما لا وألف لا لأي مبادرة تنال من دماء وتضحيات الشعب الفلسطيني أو من الحق والأرض والكرامة. لم يعد الشعب الفلسطيني بحاجة إلى ما تتظاهرون به من نخوة مزعومة وربما مشبوهة، هذا هو فصل الكلام وفصل الخطاب الفلسطيني، ولا تتعبوا أنفسكم ولاتشغلوا بالكم واحرصوا على مصالحكم وارتباطاتكم الغبية واستريحوا ….

لن يتوسل الشعب الفلسطيني لكم لتقفوا مع الحق ،لكن وعلى الأقل لا تكونوا مع أعدائه ولا تسوقوا مبادراتهم وأفكارهم الخبيثة والخطيرة ،اتركوا الشعب الفلسطيني يا أصحاب المبادرات كما شئتم فهو سيتكفل بمواجهة العدو الصهيونية،الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ليسوا وحدهم ، معهم شعوبكم وكل شعوب الأرض، ومعهم كل المقاومين الأبطال في المنطقة والعالم ، معهم كل الأحرار والمناضلين ضد سياسات الهيمنة والسيطرة الإمبريالية والصهيو- أمريكية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى