إطلاق «رموز بوتفليقة» يثير سخط {الحراك الجزائري}

تلقى نشطاء الحراك الشعبي في الجزائر باستياء شديد استعادة أحد أبرز وجوه حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة حريته، بعد أن قضى عاماً واحداً فقط في السجن، وأظهروا مخاوف من احتمال أن يغادر كل «أفراد العصابة» السجون، بعد تخفيض عقوبات قاسية طالت مسؤولين بارزين سابقاً، بفضل أحكام أصدرتها المحاكم في الدرجة الثانية من التقاضي.
وشجب نشطاء معروفون «الحكم البسيط»، الذي صدر بحق وزير التجارة السابق، عمارة بن بونس، أول من أمس، المتمثل في عقوبة السجن بعام واحد فقط مع التنفيذ. وبما أنه قضى هذه المدة في الحبس الاحتياطي، فقد غادر السجن الليلة الماضية. وتم تداول صورة بن يونس مبتسماً داخل سيارة، وإلى جانبه باقة ورود، ومعه شقيقه الصحافي المعروف إيدير بن يونس، الذي كان في استقباله عند مدخل سجن القليعة، غرب العاصمة، حيث يقيم عدد كبير من وجهاء النظام بتهم فساد خطيرة.
وأشعلت ضحكات بن يونس غضباً واسعاً، وأثارت ردود فعل حادة من طرف عائلات ناشطين في السجن أدانهم القضاء بتهم مرتبطة بمواقفهم من السلطة والرئيس تبون، وبانخراط بعضهم في الحراك الشعبي وتبني مطالبه، كما هو الحال بالنسبة لوليد كشيدة، الشاب المعتقل منذ قرابة عام، أو الصحافي خالد درارني، مراسل منظمة «مراقبون بلا حدود»، المسجون منذ مارس الماضي، الذي أدانته محكمة الاستئناف بعامين حبساً مع التنفيذ، أو الصحافي عبد الكريم زغيلش المحكوم عليه بمدة السجن نفسها لمجرد أنه كتب على حسابه بـ«فيسبوك»: «تبون مزوّر أتى به العسكر».

ورأى الغاضبون من رؤية بن يونس مغادراً السجن أن معتقلي الرأي أولى بالحرية منه، على أساس أنهم كانوا في الصفوف الأولى للمظاهرات الشعبية، التي قامت، العام الماضي، ضد بوتفليقة عندما أعلن مقربون منه ترشحه لولاية خامسة نيابة عنه.
وجرى منذ الليلة الماضية تداول فيديو يعود إلى عام 2014، يظهر فيه بن يونس في مهرجان دعائي بمناسبة انتخابات الرئاسة، يدعو إلى التمديد لبوتفليقة، وأطلق كلاما عُدّ جارحاً بحق قطاع من الجزائريين، لأنهم رفضوا استمرار بوتفليقة في الحكم بسبب مرضه، وقال بن يونس وهو يسخر من خصوم الرئيس: «تحيا الجزائر واللعنة على أبو من لا يحبنا». وكان يومها يتحدث من موقعه رئيساً لحزب «الحركة الشعبية الجزائرية». وبعد هذه الحادثة حاول استدراك الموقف بالتأكيد على أنه «كان يقصد أعداء الجزائر الأجانب»، لكن لم يغفر له أحد هذه السقطة، واعتبروها سبباً كافياً لسجنه، بصرف النظر عن تهم الفساد التي وجهت له، في سياق متابعات مكثفة ضد أهم وجوه حكم الرئيس السابق.
ولا يستبعد مراقبون مغادرة وجهاء آخرين من النظام السجون في الأيام المقبلة، خاصة بعد أن خفضت محكمة الاستئناف بالعاصمة، أول من أمس، عقوبة رجل الأعمال علي حداد إلى 12 سنة، بعدما كانت المحكمة الابتدائية دانته بالسجن 18 سنة بتهم فساد على صلة بمشروعات ضخمة في البنية التحتية، حصل عليها بفضل صلته بعائلة بوتفليقة. كما برأ القضاء أشقاء حداد الأربعة من تهمة الفساد، وغادروا السجن، وأمر برفع اليد عن ممتلكاتهم. وخفضت المحكمة في القضية ذاتها مدة السجن للوزراء سابقاً عمار غول، وبوجمعة طلعي، وعبد الغني زعلان.
وتفيد هذه التطورات في ملف ما يعرف بـ«العصابة»، إلى وجود مؤشرات على «تساهل» من جانب السلطة التنفيذية أثناء التعاطي مع قضايا «رموز بوتفليقة»، في جلسات الاستئناف، أو عندما تصل إلى «المحكمة العليا»، كدرجة ثالثة وأخيرة في مسار المتابعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى