الكونغرس يبحث في لغز الحجوزات «الغريبة» بفنادق ترامب
كشف موقع Politico الأمريكي أن محققي مجلس النواب الأمريكي (الكونغرس) يبحثون في صحة ادعاءٍ بأن مجموعات، تشمل حكومة أجنبية واحدة على الأقل، حاولت التقرب إلى الرئيس دونالد ترامب عن طريق حجز غرف في فنادقه، دون حاجة فعلية إليها قط.
لغز الحجوزات في فندق ترامب، وشبهات الفساد التي تلاحق الرئيس
وادعاء الحجز الوهمي يمثل جزءاً لم يُبلَّغ عنه سابقاً من فحصٍ أوسع نطاقاً أجرته «لجنة الرقابة بمجلس النواب الأمريكي»، والمتضمَّن في طلب تحقيق لعزل ترامب تقدَّم به الحزب الديمقراطي، لمعرفة ما إذا كان الرئيس قد انتهك القانون من خلال قبول أموال من مسؤولين أمريكيين أو من حكومات أجنبية في ممتلكات تابعة له.
وقال جيري كونولي النائب الديمقراطي عن ولاية فرجينيا، وعضو لجنة الرقابة بالكونغرس الذي يرأس اللجنة الفرعية المنوط بها التحقيق بشأن فندق ترامب في واشنطن: «ننظر الآن إلى حالةٍ تكاد تمثل رشوة صريحة. كان هذا هو الخطر منذ اليوم الأول، حكومات أجنبية وغيرها يحاولون التقرُّب لتحقيق مصالح لهم، لأننا نعرف أنَّ ترامب يلتفت إلى مثل هذه المحاولات… وهذه الحالة هنا محاولةٌ واضحة للتودد إليه بغرض تحقيق مصالح».
بدأ التحقيق بعد أن تلقت اللجنة معلومات تفيد بأن كيانين -رابطة تجارية وحكومة أجنبية- حجزا عدداً كبيراً من الغرف، لكنهما لم يشغلا سوى جزء صغير منها فحسب، وذلك وفقاً لما أفاد به شخص مطّلع على الادّعاء لكن ليس من سلطته التحدث باسم اللجنة.
يحظر ما يسمى بند المكافآت والدخول، في الدستور الأمريكي، على الرئيس ترامب قبول أي مِنح أو أرباح شخصية من حكومات أجنبية، أو من تلقّي أي أموال من الحكومة الأمريكية عدا راتبه السنوي.
ويسعى الديمقراطيون إلى إثبات مدى تورط ترامب في ذلك
حيث صرَّح النائب الديمقراطي الأمريكي رو خانا، وهو أحد أعضاء لجنة الرقابة في مجلس النواب، بالقول إنه في حال كان ترامب أو أي من موظفي إدارته قد حثّ على استئجار وحداتٍ في فندقه، فإن هذا يعد خرقاً للقانون. لكنهم حتى لو لم يكونوا قد فعلوا، فإن الوضع لا يزال ينطوي على مشكلة كبيرة.
وقال خانا: «إذا كان الأمر صحيحاً، فأقل ما في الأمر أنه يدل على وجود ثقافة فساد خلقتها إدارة ترامب. فقد غدا هناك شعور بأنك لتحقيق مصالحك، يجب أن تشارك في الدفع لتنال فرصة الجلوس إلى طاولة اللعب. وهذا بالتحديد ما يسخطه الشعب الأمريكي على الإدارة الأمريكية الحالية».
وأقر كونولي بأن موظفي اللجنة يحقّقون، لكنه قال إنه ليس لديه التفاصيل المحددة لهذه الادعاءات. في حين لم تستجب كلا من اللجنة ومجموعة شركات ترامب، The Trump Organization، لطلباتنا التعليق.
فيما ينفي ترامب كل هذه المزاعم
وكان ترامب قد نفى مراراً المزاعم بأنه يستغل منصب الرئاسة للترويج لمنتجعاته. وقال للصحفيين الشهر الماضي: «لديّ كثير من الفنادق المنتشرة في كل مكان، والناس الذين يقيمون بها، يفعلون ذلك، لأنها الأفضل».
وجّهت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ست لجان نيابية، وضمن ذلك لجنة الرقابة، بمواصلة تحقيقاتها في إطار هذا الإجراء، كجزءٍ من التحقيق الذي يهدف غلى عزل ترامب، ثم إرسال القضايا ذات الصلة إلى اللجنة القضائية التابعة لمجلس النواب الأمريكي.
وتدرس بيلوسي تضييق نطاق تحقيق مجلس النواب ليقتصر على قضية مكالمة ترامب مع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، لكن أحد المشرّعين أخبر موقع POLITICO بأنه حتى لو حدث ذلك، فإنها قد تسمح في هدوءٍ بإدراج زوجين من القضايا الأخرى. ويمكن أن يتضمن ذلك قضية تربُّح ترامب بطريقة غير قانونية من رئاسته، وعرقلة سير العدالة خلال التحقيق الذي أجراه المحقق الخاص روبرت مولر حول ما إذا كان مساعدو ترامب تآمروا مع روسيا للتدخل في انتخابات عام 2016.
واعترف ترامب بأنه طلب من زيلينسكي النظر فيما إذا كان نائب الرئيس السابق جو بايدن قد ضغط على المسؤولين الأوكرانيين لفصل أحد مسؤولي الادعاء من الخدمة؛ ومن ثم إبطال تحقيق كان يجريه مع شركة نجل بايدن، لكن ترامب أصرَّ على أنه ليس ثمة خطأ فيما فعله.
وقال النائب الديمقراطي عن ولاية ماريلاند، جيمي راسكين، وهو أيضاً أحد أعضاء لجنة الرقابة بمجلس النواب: «السمة الموحدة بين تحقيقات الكونغرس هي فحص إساءة استخدام الرئيس لمنصبه وسلطته لتحقيق أجندته السياسية الشخصية وما يسعى إليه من تربحٍ مالي ذاتي».
رغم ذلك تعرَّض ترامب للانتقاد لعدم إعلانه الانفصال عن شركاته
كان ترامب تعرَّض لانتقادات تتعلق بعدم إعلانه الانفصال التام عن مجموعة شركاته التي تحمل اسمه هو نفسه، بعد أن أدّى اليمين الدستورية. إذ لا يزال الرئيس يمتلك أعماله التجارية، ولكنه وضع أصوله وممتلكاته في صندوق مصمم للاحتفاظ بأرباحها لصالحه. ومن ثم فهو يمكنه تلقي الأموال من خلال الصندوق في أي وقت دون علم الجمهور الأمريكي.
وأصدرت اللجنة الرقابية واللجنة القضائية بالكونغرس خلال أغسطس/آب، رسائلَ بعثتا بها إلى الإدارة ومجموعة شركات ترامب، تطالبان فيها بتفاصيل حول دعوة الرئيس لاستضافة قمة مجموعة السبع بأحد منتجعاته في فلوريدا، إضافةً إلى إقامة نائب الرئيس مايك بنس مؤخراً في أحد المنتجعات المملوكة للرئيس بأيرلندا.
ووفقاً لأشخاص مطَّلعين على تحقيق الكونغرس، فإن تحقيق لجنة الرقابة يتجاوز الحالتين الأخيرتين إلى نظرة أوسع نطاقاً في إنفاقات أخرى بملكيات ترامب، والتي يمكن أن تقود إلى اتهاماتٍ بتضارب المصالح، وإهدار أموال دافعي الضرائب الأمريكيين وانتهاك الدستور.
وكتب كل من إليجا كامينغز النائب الديمقراطي عن ولاية ماريلاند ورئيس لجنة الرقابة ونائب رئيس مجلس النواب الأمريكي، وجيري نادلر رئيس اللجنة القضائية، قائلين: «الانتهاكات المحتملة لـ(بنود المكافآت الأجنبية والمحلية في الدستور) تثير قلقاً بالغاً لدى اللجنة، وهو ما قد يستدعي الأخذ بعين الاعتبار التوصية بالمضي في الإجراءات التي تنص عليها مواد العزل».
والرئيس ترامب كثيراً ما يزور ملكياته -الواقعة بالأساس في فلوريدا ونيوجيرسي وفيرجينيا- فقد سافر إليها أكثر من 300 مرة منذ أن حلف اليمين الدستورية، وفقاً لمنشور معلومات صادر عن البيت الأبيض.
حتى إنه في عام 2017، قام هو وصهره غاريد كوشنر، أحد كبار مستشاري رئاسته، بتوقف سريع وغير معلن في فندق Trump International Hotel Waikiki، حيث نزلا بضع دقائقٍ، لتحيّة الموظفين العاملين بالفندق، وشكرهم على حسن أدائهم لعملهم.
وقد أسهمت رحلات ترامب -والزيارات المنتظمة لبنس وأطفال ترامب البالغين- إلى مقرات «جهاز الخدمة السرية» وغيره من الوكالات الفيدرالية، في إنفاق مزيد من الأموال بممتلكاته.
أقرت القوات الجوية أيضاً في سبتمبر/أيلول، بأنها أنزلت أطقماً تابعة لها بفندق Trump Turnberry في أسكتلندا، لعدد مرات يصل إلى 40 مرة منذ عام 2015، وقالت إنها ستجري مراجعةً أوسع بعد أن تحدث موقع POLITICO عن هذه الإقامات لأول مرة.
وليس هناك أي كيان يتتبع مقدار ما تنفقه الإدارة في عقارات تابعة لترامب، لكن من المحتمل أن يصل إجماليها إلى ملايين الدولارات. وكشفت بعض الوكالات الفيدرالية، منها جهاز الخدمة السرية والقوات الجوية، عن بعض المستندات استجابة لطلبات بالإعلان عن السجلات العامة ذات الصلة.
وهناك اتهامات لمؤسسات رسمية بإنفاق أموال على شركات ترامب
وجمعت Public Citizen، وهي إحدى مجموعات مراقبة أعمال الحكومة (watchdog group)، قائمةً تضم وكالات فيدرالية، شملت «مجلس الأمن القومي» و «إدارة الخدمات العامة»، كانت قد أنفقت أموالاً بعقارات تابعة لترامب في عام 2018. فقد كان «جهاز الخدمة السرية»، على سبيل المثال، قد أنفق بالفعل بحلول هذا الوقت مبلغاً يقدر بـ64.090 دولاراً على شركات ترامب منذ عام 2015.
يواجه ترامب بالفعل دعاوى قضائية تتهمه بانتهاك الدستور من خلال قبول مدفوعات من مسؤولين أجانب في منتجعاته وفنادقه. فقد تبرعت شركته بنحو 200 ألف دولار لخزانة الولايات المتحدة في فبراير/شباط، وقالت إنها جاءت من أرباح حصلت عليها من حكومات أجنبية، لكن مجموعات مراقبة أعمال الحكومة تقول إن المبلغ ينبغي أن يكون أكبر من ذلك.
وقد ارتفعت إيرادات كثيرٍ من المنتجعات التي زارها ترامب في عام 2018، وضمن ذلك «فندق ترامب الدولي» Trump International Hotel بواشنطن، والذي أصبح الوجهة الأولى للجمهوريين، بحسب آخر بيانات الإفصاح المالي الشخصي لشركة ترامب. ويأتي ذلك، على الرغم من انخفاض إجمالي دخل ترامب السنوي قليلاً من 450 مليون دولار في عام 2017 إلى 434 مليون دولار في عام 2018.
وكان عدد من لجان مجلس النواب قد ضغطت من أجل أن يفرج ترامب عن الإقرارات الضريبية الخاصة به وبشركاته، لمعرفة المزيد عن أعماله، لكنه رفض ذلك. وقالت مجموعة شركات ترامب The Trump Organization، التي تضم أكثر من 500 كيان تجاري، إنه ليس مطلوباً منها الإفصاح علناً عن معلومات مالية خاصة بها.